وقد لحق ابن العباس بهم في أوائل العهد الأموي فرارا من الاختلافات السياسية فاتخذ مقعده في دار زمزم على يسار الداخل اليها يذيع معارفه وينشر علومه ونحن في غنى عن أن نصف ابن العباس فليس من يجهل أنه من أجلاء الصحابة وأنه من أوسعهم علما وأكثرهم اطلاعا وأفضلهم عقلا وأنه حبر هذه الأمة ومفسر كتاب الله وترجمانه وأن عودته إلى مكة ليضطلع بالتدريس فيها كان كسبا ما ظفرت مكة بعده كسبا يضاهي ربحها العلمي منه (1).
اتسعت حلقة ابن العباس في المسجد الحرام وهرع الظامئون الى مناهل العلم يروون غلتهم منها فكانت حركة قوية تركت أثرها في جموع المتدارسين الموزعين في أفناء المسجد وأنتجت ضجة علمية اتصل صداها ببيوت مكة من أطرافها الى أطرافها وتوافد على صيتها من أقطار الأرض طلاب المعرفة وقصاد العلم (2).
وأنتجت هذه المدرسة فيما أنتجت مجاهدا بن جبر وعطاء بن أبي رباح وطاووسا بن كيسان وسعيدا بن جبير وسليمان بن يسار وأبا الزبير محمدا ابن مسلم بن تدرس وعمرو بن دينار الجمحي (3) وعكرمة مولى ابن عباس وكان أكثر الناس اتصالا بابن عباس مولاه عكرمة لهذا كان أكثرهم رواية وأغزرهم معرفة ، كما اشتهر مجاهد بن جبر بميزات خاصة وقضى وقتا طويلا يتولى قضاء مكة.
Shafi 135