257

Tarihin Hauka

تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا

Nau'ikan

1

ولقد حقق هذا المؤلف عن جدارة نجاحا باهرا لدى الجمهور العريض؛ لأنه يخاطب بنزعة إنسانية ومنطق سليم جميع أولئك الذين هم ليسوا ممارسين ولا اختصاصيين في مجال العلوم الإنسانية، والذين كانوا وما زالوا يطرحون تلك الأسئلة البسيطة: ما تعريف الجنون اليوم؟ وأي رؤية لدينا عنه؟ من مجنون ومن ليس كذلك؟ ولقد عمل إدوارد زاريفيان جاهدا على التنديد بالأيديولوجيات المختلفة للجنون، التي تحتل كل واحدة منها «مكانة إمبريالية حصرية». لقد كنا إذن في عام 1988، ومنذ ذلك الحين، فقد كل تيار الكثير من روعته، بدءا ب «أيديولوجية التحليل النفسي الشمولية». «كان يتعين على الطبيب النفسي الشاب اختيار معسكر ما»، و«كان الضحايا الحقيقيون هم دوما المرضى وعائلاتهم - التي كان يتم إساءة معاملتها، وإشعارها بالذنب.» أما عن «الاكتشافات المميزة في مجال البيولوجيا العصبية، فلقد استغلت دائما بطريقة غير شريفة فكريا [...] وطرحت الفرضيات بصفتها حقائق، والتكهنات بصفتها يقينيات.» وظل غالبية الأطباء النفسيين «مفتتنين، كما هي الحال دائما؛ لأنهم لا يفهمون». بيد أن إدوارد زاريفيان - الذي كان طبيبا نفسيا بالمصحة النفسية وأستاذا جامعيا (وكلف بالعديد من المهام الوزارية، ولا سيما فيما يتعلق بتناول الأدوية التي تؤثر على الحالة النفسية) - كان من «مؤيدي أفكار المؤسسة التي يعمل بها.» بل لقد اتهمه البعض بأنه ينادي ب «نزعة جديدة لمناهضة الطب العقلي ». ومع ذلك، لم يدافع، متقدما بذلك على زملائه بفارق عشرين عاما، إلا عن «توحيد خدمات الرعاية»، زاعما أنه بحث في مختلف المناهج دون أن يعطي الأفضلية لأيها. ولكن «رفض تفضيل نموذج تفسيري، معناه أيضا التخلي عن فكرة امتلاك الحقيقة.»

يختتم إدوارد زاريفيان قائلا: «الجنون، تلك النبتة الغريبة التي تنمو في أي مجتمع إنساني، يزرعها عدد لا يحصى من البستانيين. من هم؟ إنهم أنتم، وأنا. إنهم جميع أولئك، العائلات، والأطباء النفسيين، والمعالجين الذين يساهمون، كرها، في إدامة الجنون. إن المجتمع بأكمله، من فرط الخوف، والظلامية أو الادعاءات العلمية، والأنانية، والمحافظة بنزعتها التقليدية، والتعصب؛ قد سد، شيئا فشيئا وبلا هوادة، أي فتحة مطلة على العالم الخارجي، وأغلق الطريق أمام أي احتمالية لانعكاس الأمور أو انقلاب الآية، وحكم بذلك على الجنون بتكرار ذاته، إلى ما لا نهاية، باعتباره ضحية لاسمه [...] إن الجنون في جوهره هو جدلية للإقصاء، ولكن في هذه اللعبة، المريض هو الذي يخسر دائما.» في مؤلف آخر، يقول زاريفيان إن الطب النفسي لا ينبغي أن ينظر إليه باعتباره العلم المختص بالأمراض العقلية، وإنما هو الطب الذي يعنى بالشخص المتألم.

2

هل يعني ذلك أنه في بداية هذا القرن الحادي والعشرين، يثير الجنون القدر نفسه من الخوف، أو على الأقل من سوء الفهم الذي كان يثيره في عصر الطب العقلي؟ بالطبع لا، بالإضافة إلى أن الكلمة نفسها، التي ظلت محظورة لوقت طويل، لم تعد محرمة، بل وأصبحت من جديد قيد الاستخدام؛ إذ تبددت، وتغلغلت في الحياة اليومية، وعادت إلى الحياة بشكل عام. لقد تم ترويض الجنون، أو إذا أردنا القول، تكييفه، حتى في أشكاله الأكثر استعصاء. وفيما يتعلق بمستهلكي العقاقير التي تؤثر على الحالة النفسية، فسوف يتفاجئون بالطبع حين نقول لهم إنهم يندرجون أيضا تحت مظلة الجنون. ولم يعد الجنون، فيما عدا بعض الاستثناءات، هو ذلك الجنون الجبار الذي نعاينه عند جينيول الكبير، بنوبات الهلاوس المرعبة التي تصيبه، والتي تبدو اليوم ذات طابع كاريكاتوري. لم يعد هناك جدران تحيط بالمصحة، وتفصل بوضوح بين هؤلاء الموجودين في جانب، وأولئك الموجودين في الجانب الآخر. نحن نعلم بالتأكيد قصة ذلك المجنون الذي يطل من نافذة حجرته بالمصحة ليسأل أحد المارين: «أأنتم كثيرون هناك؟» هذه ليست مزحة: فنحن بالفعل كثيرون هنا.

مصادر مخطوطة

الأرشيف الوطني (الأقسام الرئيسة)

DV Comité des Lettres de cachet.

AF1 Comité de Mendicité.

Dans F4, F13, F15, F16: dépôts de mendicité.

Shafi da ba'a sani ba