255

Tarihin Hauka

تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا

Nau'ikan

ويخشى لانتري لورا من التوسع المبالغ فيه للممارسة - المشروعة - للطب النفسي، «ليس فقط في مهام جديدة لم يتم التأكد فيها من قدرات الطبيب النفسية بصورة قطعية، بل أيضا في مجالات تقليدية، ولكن بأهداف جديدة مثل الخبرة الجنائية.»

وتعد هذه المشكلة الأخيرة من المشاكل الجسيمة، فخبرة الطب النفسي لم تتوقف عن ملازمة الجنون؛ سواء لإصدار حكم بالمنع ضد المريض عقليا بسبب عجزه المدني (مأخوذ عن القانون الروماني)، أو لتقييم مسئوليته عن عمل إجرامي. وتنص المادة رقم 64 من القانون الجنائي لسنة 1810 على الآتي: «لا توجد أي جريمة أو جنحة إذا كان المتهم في حالة من الجنون أثناء ارتكابه للفعل، أو إذا كان مقيدا بقوة لا يمكنه مقاومتها.» وعلى مدار قرنين، انقسم الأطباء النفسيون حول قدراتهم على تعريف وتقدير ما هي «المسئولية». ويقول جيلبير باليه: «نحن لسنا مؤهلين للحسم في قضية المسئولية التي هي قضية ميتافيزيقية وليست طبية.»

74

إلا أن هذا لم يمنع مجال ممارسة الطب النفسي عن التوسع ليشمل المجال الجنائي أيضا (إطلاق السراح المشروط لأحد السجناء مثلا)، بل وأيضا المجال المدني (مثل البحث حول العواقب النفسية للإصابات الجسدية).

واليوم، أصبح هناك مجال واسع يسمى الطب النفسي الشرعي. وفيما يتعلق بمجال الاستعانة بالطب النفسي، فقد تنوعت أشكالها؛ فقد يضاف إلى طلب القاضي أو المحامي تقرير نفسي إلى جانب التقرير الطبي النفسي (على الرغم من أن القانون ينص على الثاني فقط). كما اتسعت المجالات المعنية: أنواع الوصاية المختلفة وحقوق الضحايا و«التشريح النفسي» عقب حالة انتحار (12 ألف حالة سنويا في فرنسا، وعلى الأرجح عشرة أضعاف هذا العدد من المحاولات) والأوامر العلاجية (الإجبار على الخضوع للعناية الطبية) تحت متابعة الإدارة العامة للشئون الصحية والاجتماعية في حالات الإدمان وإساءة المعاملة، بما في ذلك الإصابة «بمتلازمة أعراض مانشهاوزن» (وفيها يحضر الآباء أبناءهم للخضوع للفحص النفسي لإصابتهم بأعراض تسبب فيها الأبوان ذاتهما)، إلخ.

ومن الناحية القانونية، لا تعد المادة 64 من القانون الجنائي هي الأساس في مجال الطب النفسي. فالمادة 122 الجديدة تنص في فقرتها الأولى على بند المسئولية الجنائية، ولكن تنص في فقرتها الثانية على أن: «الشخص الذي كان مصابا وقت الواقعة باضطراب نفسي أو عصبي نفسي أحدث خللا في قدرته على التمييز أو أعاق سيطرته على أفعاله؛ يظل خاضعا للعقاب. إلا أن القضاء يأخذ في الاعتبار هذه الظروف أثناء تحديد العقوبة وتنظيم طريقة تطبيقها عليه.» ولكن أي نظام؟ على مستوى المؤسسة، يتم احتجاز مرضى الاعتلال العقلي الخطرين في «وحدات خاصة بالمرضى ذوي الحالات الصعبة»، ويبلغ عددها خمسا في فرنسا. وتم إنشاء قطاعات خاصة داخل المؤسسات العقابية البالغ عددها مائة وسبعا وثمانين داخل فرنسا؛ حيث تزداد المشكلات الطبية النفسية: مثل قطاعات الطب النفسي في الأوساط العقابية. وتتساءل الطبيبة بيتي براهمي كبيرة الأطباء بقطاع الطب النفسي للمؤسسات العقابية بسجن فلوري ميروجي، ونائبة رئيس جمعية القطاعات النفسية بالمؤسسات العقابية: «لماذا يوجد هذا العدد من المرضى عقليا داخل السجون الفرنسية؟» عام 1997، كانت نسبة «المرضى النفسيين» في السجن تصل إلى 30٪ من السجينات و20٪ من السجناء. بينما تشير أرقام أخرى إلى وجود 45٪ من حالات الاكتئاب الحاد. ولقد قدمت تفسيرات عديدة لهذا الأمر على يد هذه الطبيبة الممارسة: لا تميز العدالة - ولا سيما في حالة المثول الفوري - إلا نادرا المتهمين المصابين باضطرابات عقلية. أما الخبراء، فهم ليسوا على دراية ببيئة السجن، ويقللون تدريجيا من الإعفاء من المسئولية الجنائية، تاركين بالتالي مرضى اعتلال عقلي حقيقيين يذهبون للسجن؛ أحيانا بحجة «استعادة مكانهم أمام القانون»، وأحيانا أخرى لئلا يفرضوا على زملائهم العمل مع «هذا النوع الصعب من المرضى.» وإلى كل هذا، يضاف لوم الرأي العام لكل حادثة مأسوية تشكك في عدم مسئولية الفاعل جنائيا. ووفقا للأطباء النفسيين، فلا يوجد مجال لاستمرار حجز شخص داخل المصحة النفسية (حتى وإن كان غير مسئول جنائيا) دون سبب لبقائه في المصحة. نعم، قد تحدث انتكاسة بعد الخروج، ولا سيما إذا توقف المريض عن العلاج. ولكن، كما يشير الخبير الطبي النفسي دانيال زاجوري: «فإن الانتكاسة الخطيرة هي استثناء الاستثناء. فكل مرة، تكون المشكلة أن هذا الأمر يفجر داخل الإعلام والسياسات خطابا يتمحور حول الجانب الانفعالي فقط.»

75

وتضيف الطبيبة براهمي أن عدم معرفة محاكم النقض بهذه الحالات النفسية قد يؤثر سلبا على متهم مريض بالفصام، والذي تترك طباعه «السلبية» انطباعا سيئا لدى القاضي والمحلفين.

ويعد تأثير ظروف الاعتقال على المحتجزين معروفا، ولن نزيد عليه. فهذه الظروف تفسر «الإصابات النفسية مثل نوبات الهذيان الحاد التي تصيب أشخاصا لم يتم اعتبارهم مرضى اعتلال عقلي خارج السجن.» ولا تبدي الطبيبة براهمي أي تهاون أمام الطب النفسي العام الذي يبرر - على حد قولها - «جزءا من زيادة عدد مرضى الاعتلال العقلي المعتقلين.» فهناك دائما نقص في الوسائل، ومقاومة من الإدارة، وقلة في عدد الأسرة وعدد المراكز، وقلة المتابعة بعد العقوبة ... ولقد نص قانون التوجيه والبرمجة للعدالة (قانون آخر جديد) بتاريخ التاسع من سبتمبر 2002 على إنشاء وحدات علاجية مهيأة خصيصى ومزودة بفريق عمل من الأطباء النفسيين، ولكن في حماية فريق عمل من المؤسسة العقابية. لم يلق هذا الحل البراجماتي إجماعا، إلا أن مجتمعنا من باب الحيطة (ليس فقط أخذ ما هو محتمل في الاعتبار، بل محاولة القضاء على أي احتمالية)

76

Shafi da ba'a sani ba