225

Tarihin Hauka

تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا

Nau'ikan

59

وتعد مود مانوني - المحللة النفسية وتلميذة لاكان والمعروفة بسبب أعمالها حول الطب النفسي للأطفال والشباب - منظرة وأيضا من رواد التطبيق العملي. في سبتمبر 1969 أسست بالاشتراك مع روبرت لوفور - متخصص الطب النفسي للأطفال والمحلل النفسي على طريقة لاكان - مدرسة تجريبية ببونوي سير مارن (لا تزال تعمل)، لتستقبل الشباب المصاب بالتوحد والأمراض النفسية أو الخبل، في إطار تجربة مضادة للطب النفسي تشهد باستفادة التحليل النفسي من هذا المجال.

لم يوصف «التوحد المبكر لدى الأطفال» للمرة الأولى إلا عام 1943، على يد الطبيب النفسي الأمريكي ليو كانر في مقال بعنوان «الاضطراب التوحدي للاتصال العاطفي». وتميز الوصف الإكلينيكي للمرض بعجز الطفل عن إقامة تواصل عاطفي مع المحيطين به (مع بداية ظهور للاضطرابات قبل عمر العامين). وجعل منه كانر متلازمة أعراض إكلينيكية تختلف تماما عن الفصام، وإن كان لفظ «التوحد» (أوتيزم) قد اخترعه بلولير عام 1911 للإشارة إلى فقدان الاتصال مع الواقع الخارجي في حالات الفصام لدى البالغين (من الكلمة اليونانية «أتو» التي تعني ذاتيا). «ولكنه ليس كما في الفصام لدى البالغين أو الأطفال بداية من علاقة تواصل أصلية موجودة؛ فهو ليس تراجعا عن المشاركة في الوجود السابق. يعاني مريض التوحد، منذ بداية ظهور أعراض المرض، من شعور شديد بالوحدة؛ فهو يحتقر ويتجاهل ويقصي، متى استطاع ذلك، أي شيء قادم من خارجه» (كانر). وإلى جانب التوحد الذي يصيب الأطفال، تم تحديد أمراض ذهانية أخرى تصيبهم، وأصبحت هناك طرق رعاية خاصة تضاف إلى المقررات الدراسية. في باريس عام 1959، قام سيرج ليبوفيتشي (1915-2000) - المتخصص في الطب والتحليل النفسي للأطفال وفي العلاج النفسي الجماعي - بافتتاح أول مستشفى لليوم الواحد للأطفال، ثم افتتح رينيه دياتكين (1918-1998) مركزا للكشف والعلاج للحالات العرضية. في الثمانينيات، أسس ليبوفيتشي - الذي اهتم في ذلك الوقت بالعلاج النفسي الباثولوجي للطفل - خدمة للعلاج النفسي الباثولوجي للأطفال والمراهقين بمستشفى أفيسين بوبينيي.

كانت فكرة تطبيق تعاليم التحليل النفسي على «الأطفال المجانين» حديثة نسبيا في فرنسا. فأول أعمال تتناول هذا الأمر في ذلك الوقت كانت أعمال فرانسواز دولتو (1908-1988) المحللة النفسية والصديقة المقربة لجاك لاكان. إلا أن برونو بيتليهيم (1903-1990) كان قد فتح الطريق لهذا الأمر في مدرسة «تقويم النسل» بشيكاجو. ولدى وصوله لم يكن هناك محلل نفسي واحد وطئت قدماه المدرسة المخصصة للأطفال الصعاب المراس بما فيهم المرضى النفسيون. إلا أنه بالنسبة إلى بيتليهيم، فكان من الواضح أن الطب النفسي للأطفال لا يقدر على الاستغناء عن طريقة العلاج بالعلاقات ومن ثم التحليل النفسي. وكان علاجا فرديا كما تشهد «ثلاث حالات» في كتاب «القلعة الفارغة».

60

كان العلاج أمرا يخص الجميع، وأصبح المعالجون يشاركون الأطفال حياتهم اليومية طوال الأربع والعشرين ساعة. ومهما كانت الأعراض الظاهرة لدى النزلاء، كانت هذه الطريقة هي الرد الأفضل على مخاوفهم، كما يؤكد بيتليهيم (والذي يلاقي اليوم انتقادات كثيرة).

في مدرسة بونوي، كان جميع العاملين - بما فيهم الطاهي وعمال النظافة - أعضاء في الفريق العلاجي، الذي ينال معظمه تدريبا في التحليل النفسي. ويجب ألا يكون التحليل النفسي هنا مجرد أداة للمعرفة، وإنما وسيلة عمل وتبادل مع الآخر. ويهدف مفهوم «تدمير المؤسسة» إلى الاستفادة من كل شيء غريب يظهر (لا أن نقهره) والانفتاح على العلاقات المختلفة التي تساعد في إظهار «الفرد الذي يتساءل حول أي شيء يريده».

61

في ظل روح مناهضة الطب النفسي السائدة في ذلك العصر وحتى الآن، كان يجب على المتدربين في مجال علم النفس أن يتركوا أجهزة الحاسب المحمولة وأدوات القياس ليغوصوا تماما في الحياة الجماعية بالمدرسة. لا يكون لديهم ملفات يطلعون عليها؛ حيث إنه أقل أهمية من معايشة الواقع الفعلي للطفل. إلا أن مود مانوني تحذر: «إذا اتخذنا موقفا مناهضا للطب النفسي، فسنكون رافضين للنظرية التي تفترض وجوده. فكل مراجعنا النظرية مراجع بنيوية.»

62

Shafi da ba'a sani ba