163

Tarihin Hauka

تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا

Nau'ikan

23

عن الوهن العصبي.

في عام 1904 - بعد صدور كتاب «تفسير الأحلام» عام 1900 - «أصبحت الأعراض الهستيرية بالنسبة إلى فرويد بقايا أو رموزا لبعض الأحداث؛ أي رموزا تذكارية [...] ولا يدري المريض - الذي يرسل رسائل مشفرة (أي الأعراض) - معناها؛ ولذلك يستطيع إنتاجها لأنه يجهل مغزاها. فإذا عرف معناها، وقبلت الأنا هذا المعنى، فلن يكون في حاجة للأعراض. ويكون على المعالج ممارسة دور الوسيط أو المترجم في محاولة لجعل الأنا تتقبل المعنى المختفي وراء الأعراض؛ التي تختفي بمجرد انتفاء سببها. ولا يكون مريض الهستيريا بعد في أرض عدوة، وإنما يتصالح مع الأنا. وبالوصول لهذه النقطة، لا نعلم ماذا يخص مريض الهستيريا وماذا يخص نظرية التحليل النفسي. «فالمرض» يختفي في النظرية وفي الطريقة التحليلية، وتصبح الهستيريا هي التحليل النفسي» (تريا).

الذهان

في البداية كان لمصطلح «الذهان» - الذي اخترعه إرنست فوشتيرسلبين عام 1845، وقبل أن يعمم استخدامه في القرن التاسع عشر - معنى أوسع يقصد به - على «عكس العصاب» - الاضطراب العقلي الدائم، والذي يؤثر على شخصية المريض بشكل عام (الهذيان). ومن هذا الكيان متعدد الأشكال شديد الشمول، خرجت فئات محددة، لن نذكر في هذا الباب إلا أهمها.

24

ولنبدأ بتصنيف الأمراض الذي وضعه إسكيرول، والذي يقسم الأمراض العقلية إلى أربع مجموعات أساسية: البله والخبل والهوس والهوس الأحادي. وتعد المجموعة الأخيرة - الخاصة بالهوس بفكرة واحدة الناتج عن خلل اكتئابي كما قال بينيل - إضافة نظرية جديدة. ويتميز هذا النوع من الهوس بهذيان جزئي مزمن - مرح أو حزين - ولكنه قاصر على موضوع واحد (ولهذا السبب سمي الهوس الأحادي). ويقسمه إسكيرول إلى هوس أحادي فكري (ومن صوره «الكآبة المرضية المزمنة» أو الكآبة المصحوبة «بهذيان جزئي مزمن تسببه عاطفة حزينة منهكة ومضنية»)، وهوس أحادي عاطفي أو عقلي، وهوس أحادي غريزي (يضم الانحرافات المستقبلية). وفي ذات الوقت، يعطي إسكيرول للخيالات تعريفا لا ينتقص من قيمتها: «الشخص الذي يعتقد يقينا بوجود أحاسيس ملحوظة بداخله، لا يستطيع أي عامل خارجي آخر أن يثيرها فيه هو في حالة من الهلوسة» (أي إنها إدراك لشيء غير موجود). وعلى مدار القرن التاسع عشر، نشب جدل حاد حول مفهوم الهلوسة، اعتراضا على تشبيهها بالوهم.

ظل جميع أطباء الأمراض العقلية في الجزء الأول من القرن التاسع عشر، يفكرون ويكتبون حول مفهوم «الهلوسة المنظمة». وفي عام 1852، فصل لازيج هلوسة الاضطهاد عن باقي الأنواع. ولقد أصبحت هذه النظرية أحد محاور تصنيف الأمراض لمانيان: «الهذيان المزمن ذو التطور المنتظم.» في عام 1890، اقترح بول سيريو (1864-1947) - تلميذ مانيان - تقسيما ظل معمولا به حتى القرن العشرين: ذهان المضطهدين والمضطهدين (دون خيالات)، وهلوسة الاضطهاد المنظمة المصحوبة بالخيالات، وهلوسة الاضطهاد المنظمة غير المصحوبة بخيالات بناء على تفسيرات هلاوسية، وجنون العظمة المصحوب بخيالات أو لا. ويعد «الذهان المشترك» (أو «الجنون المتبادل») - الذي أوضحه بايارجيه عام 1860 - نوعا خاصا من هلوسة الاضطهاد المزمنة، ولقد قدم شارل لازيج وجول فالريه (ابن جان بيير فالريه) وصفا لهذا المرض عام 1877.

وأثناء عملهما حول دراسة الهذيان المنتظم عام 1911، وضع كل من جول سيجلا (1856-1939) وجيلبير باليه (1853-1916) وصفا للذهان المزمن المصحوب بخيالات. وفي عام 1920، طور جاتيان دي كليرامبو (1872-1934) - تحت تأثير أعمال باليه (ولكن دون أن يأتي على ذكره) - نظرية الحركة اللاإرادية التلقائية العقلية (ذهان قائم على حركات لاإرادية تلقائية)؛ حيث ميز بين الحركات اللاإرادية الصغرى - التي هي «توقف التفكير والتفكك الصامت للذكريات التي تفرض» على المريض - والحركات اللاإرادية الكبرى - وفيها يكون لدى المريض انطباع بأن هناك من «يعلق» على أفعاله، وكأن هناك من يستبق أفكاره. وفي الهلاوس التي تتوالى، لا يكون الهذيان إلا نتيجة. ولقد رفض جاتيان دي كليرامبو أي تفسير نفسي للذهان، بل وجعله قائما على عملية عضوية تتسبب في ألم متقطع في الخلايا العصبية.

لاحظ القدماء وجود نوع من الجنون يقوم على حالات هوس وكآبة متناوبة. وفي منتصف القرن التاسع عشر، تصارع جان بيير فالريه وجول بايارجيه (1809-1890) على أحقية كل منهما بالمفهوم الذي أطلق عليه الأول اسم «الجنون الدوري»، بينما أسماه الثاني «الجنون ثنائي الشكل». ويبدو أن الاثنين نسيا أن جريزينجر - منذ عدة أعوام مضت، تحديدا عام 1845 - كتب: «إن حالات الهوس والكآبة المتناوبة أمر شائع للغاية. فكثيرا ما نرى المرض يقوم على دورة من شكلين يتناوبان عادة بصورة متنظمة.»

Shafi da ba'a sani ba