Tarihin Musulunci: Gabatarwa mai Gajarta
التاريخ الإسلامي: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
يعيدنا هذا الأمر ثانية إلى الجمال. أيا كانت مسوغات نجاح العرب، فقد وصلوا إلى الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في الفترة من منتصف وحتى أواخر القرن السابع، ومكثوا هناك، وأقاموا ثكنات عسكرية في شمال أفريقيا ومصر والعراق وشرق إيران. سوريا هي الدولة الوحيدة التي استقر فيها الفاتحون في المدن القائمة بالفعل (إذ انضموا إلى عرب آخرين كانوا قد استقروا هناك في أزمان سابقة لظهور الإسلام). وبحلول نهاية القرن الثامن صارت الثكنات مدنا متطورة تماما، وغامر العرب بالخروج في مدن الشرق الأدنى وقراه تاركين وراءهم علامة دائمة؛ فانتشار تربية الجمال في جميع أنحاء البلاد المفتوحة عجل باستبدال الجمال العربية الأبسط والأكثر توفيرا للمال بالمركبات ذات العجلات غير الفعالة والأكثر تكلفة التي تتطلب توفير طرق ممهدة. وفي الأقاليم التي فتحت من الإمبراطورية البيزنطية، استبدلت بالطرق الرومانية الواسعة المستقيمة الشوارع الضيقة المتعرجة التي لا تزال ترى في الأحياء القديمة في مدن الشرق الأدنى التي تأثر تصميمها بانعدام حيز عام مميز في المدن الإسلامية الأولى وأيضا بانتشار هذه «التقنية» العربية الفريدة من نوعها. صارت حاميات المدن نفسها مراكز اقتصادية مهمة جذبت إليها غير المسلمين من المستوطنات المجاورة وأعادت رسم خريطة الشرق الأدنى.
غير أن انتشار اللغة العربية والإسلام كان أهم نتائج الفتوحات الإسلامية الأولى. ومع أن الانتصارات الجوهرية على الإمبراطوريات تحققت أثناء فترة حكم الخليفة الثاني عمر (من عام 634 حتى عام 644)، فإن عهد الخلفاء الأمويين (من عام 661 وحتى عام 750) هو الذي شهد انتشار الثقافة العربية والحكم الإسلامي - بدرجة أو بأخرى - من شبه الجزيرة الأيبيرية حتى البنجاب؛ الأمر الذي أسفر عن تثبيت حدود العالم الإسلامي إلى حد ما على مدار قرون قادمة.
يرى بعض المسلمين في أواخر القرن السابع، وكل المسلمين تقريبا منذ ذلك الحين، أنه ما كان ينبغي للأمويين أن يكونوا خلفاء. كان أسلافهم الأربعة - أبو بكر وعمر وعثمان (الذي امتدت خلافته من عام 644 وحتى عام 656) وعلي (الذي امتدت خلافته من عام 656 وحتى عام 661) يرتبطون بمحمد إما برباط النسب أو الدم (أو كليهما معا كما في حالة علي)، علاوة على أن حكم هؤلاء الخلفاء الأربعة الذين عرفوا (بين أهل السنة في القرون التالية) بالخلفاء الراشدين كان عصرا ذهبيا حكمت فيه الأمة طبقا للمبادئ الإسلامية. (الشيعة هم الذين يؤمنون بأن عليا كان الأحق بخلافة محمد.) وعلى النقيض، لم يكن للأمويين صلة مباشرة بالنبي، بل قيل إنهم جاهروا بمعارضته، ولم يدخلوا في الإسلام إلا اضطرارا، وفي وقت متأخر نسبيا من حياة محمد. ومع أن عثمان نفسه كان ينتمي للأسرة الأموية، فقد اعتنق الإسلام وهو بعد صغير، وكان صهر محمد ، ويحسب له أنه أمر بجمع نسخة موثوقة من القرآن (مع أن البعض أخذوا عليه ذلك في هذا الوقت) إلى جانب أفعال أخرى حميدة. ساءت الأوضاع عندما قتل عثمان، وظهر اثنان يدعيان الحق في تولي الخلافة: علي، الذي كان أنصاره يرشحونه للخلافة منذ عام 632، ومعاوية، أحد أقرباء عثمان الأمويين الذي طالب بالثأر لمقتل عثمان. تولى علي الخلافة عام 656، وحاول جاهدا بسط نفوذه على نطاق واسع؛ وبحلول عام 657، دخل في مفاوضات مع معاوية. رأى الكثيرون من أنصار علي أنه ما كان ينبغي لأمر كهذا أن يحدث - إذ كان شعارهم «إن الحكم إلا لله» - وانشقوا عن معسكره؛ ولهذا السبب عرفوا باسم «الخوارج». دفعتهم آراؤهم المتعنتة بشأن أحقيتهم في الحكم إلى اعتبار المنشقين كفارا يستحقون الموت. وكان أشهر ضحاياهم هو علي نفسه عام 661، على الرغم من أن الخوارج ظلوا يعارضون الخلفاء طوال القرن التالي وما تلاه.
انتهى عصر «الخلفاء الراشدين» بوفاة علي، وعرف الصراع الدموي الذي أدى إلى وصول معاوية إلى الحكم بأنه أول حرب أهلية أو «فتنة» في التاريخ الإسلامي، وهي التي حددت نهاية فترة من التآلف الملموس داخل نسيج الأمة. لذا استهل الأمويون خلافتهم ببداية حافلة بالأخطاء، واستمرت الأوضاع في التدهور وفقا للمصادر المكتوبة على أيدي المعادين لهم. نقل معاوية عاصمة الدولة الإسلامية إلى دمشق، واختار ابنه يزيد (الذي امتدت خلافته من عام 680 حتى عام 683) خلفا له؛ مما أرسى مبدأ توريث الخلافة، وهو ما أخذ على الأمويين (من قبل أشخاص أنشئوا هم أنفسهم سلالات حاكمة). وسرعان ما تورط يزيد في القلاقل عندما قتل الحسين بن علي في كربلاء (العراق) عام 680؛ وهو ما رسخ سوءاته في أذهان الشيعة، فضلا عن أن نفوذه قد لاقى مجابهة من خليفة آخر في الحجاز. لم يدم حكم يزيد أو ابنه معاوية الثاني (الذي تولى الخلافة عام 683) طويلا. وتسببت أحداث فتنة ثانية في حالة خلل شديد في تلك الفترة (680-692)، ولم تسترد سلطة الأمويين إلا مع تولي عبد الملك بن مروان (692-705) الخلافة. ومن هنا عرف عام 692 باسم «عام الوحدة »، واتخذت تدابير إدارية لتشديد سلطة الخليفة على رعاياه بهدف الحيلولة دون وقوع أي تحديات مستقبلية لسلطته.
يعترف لعبد الملك وخلفائه بالفضل على مضض لما قدموا من إسهامات دام أثرها على الحضارة الإسلامية، وإن عابت عليهم مصادرنا أنهم كانوا ملوكا لا يعرفون الورع (وليس خلفاء ورعين). لقد فرضوا اللغة العربية لغة إدارية رسمية في الأراضي الإسلامية، وعملوا على توسيع رقعة تلك الأراضي غربا وصولا إلى إسبانيا والمغرب، وشرقا وصولا إلى باكستان وآسيا الوسطى. شدد نفوذ الخليفة على الأقاليم الخاضعة لحكمه، واستبدلت بالتقاليد القبلية اللامركزية تقاليد إمبراطورية أفضل تنظيما، وتشكلت عن وعي هوية عربية وإسلامية فرضت على مؤسسات الخلافة. سكت العملات «الإسلامية»، وحلت اللغة العربية محل اللغات اليونانية والفارسية والقبطية في المكاتب الإدارية (مما أفسح المجال أمام مشاركة المسلمين). وأكثر ما يلفت النظر أن «قبة الصخرة» شيدت فوق جبل الهيكل في القدس في تحد لنبوءات اليهود عن المسيح (أو في توافق معها وفقا لآراء بعض الباحثين)، علاوة على أنه حفر عليها نقش يتعارض مع العقائد الأساسية للمسيحية. كان المغزى واضحا بما يكفي لأن يدركه الجميع؛ وهو أن الإسلام قد وصل.
لكن ماذا كان يعني «الإسلام» في هذه الفترة؟ كبرى مشكلات الأمويين أن إجابتهم عن هذا السؤال اختلفت اختلافا جوهريا عن تلك التي قدمها علماء الدين (المنصبون ذاتيا) الذين حظوا بتأييد شعبي في ذلك الوقت، والذين وضعوا كتب التاريخ فيما بعد. اعتبر الأمويون وفاة محمد نهاية عهد. فلما كان محمد خاتم الأنبياء، فلن تبلغ إرادة الله بعد الآن من خلال بشر يحملون الكتب المقدسة. بدلا من ذلك كان الخلفاء ممثلي الله في الأرض. ذاك هو عهد الخلفاء، وهم مالكو السلطة الدينية. أما علماء الدين، فاعتبروا هذا الكلام محض هراء. فقد أمد الله الأمة بكل ما تحتاج إلى معرفته؛ ويمكن استنباط كل ما لم يرد ذكره في القرآن من السنة النبوية. ولأن العلماء هم الأكثر دراية بتلك الأمور، كان ينبغي أن تترك السلطة الدينية لهم.
شكل 1-2: قبة الصخرة في القدس. تضم النقوش المحفورة على قناطر المبنى مثمنة الأضلاع آيات قرآنية تتحدى بعض العقائد الأساسية للديانة المسيحية.
1
من سوء حظ الأمويين أن قطاعا كبيرا من رعاياهم المسلمين أيدوا العلماء، فضلا عن أن عددا كبيرا من المسلمين الآخرين كانت لديه اعتراضات لاهوتية على ادعاء الأمويين بأحقيتهم في الخلافة. وعلاوة على ذلك فإنه طوال الجزء الأكبر من حكم الأمويين (فيما عدا استثناء واحد أو اثنين) كان الخلفاء سببا في إثناء الشعوب المفتوحة بلادها عن الدخول في الإسلام، وهو ما يعني أمرين: أن عددا كبيرا من الأشخاص كانوا يمقتونهم (وهم غير المسلمين المطالبين بدفع ضرائب أكثر)، وأن أغلب رعايا الخلفاء كانوا من غير المسلمين. بذا كان لدى المسلمين العرب، والمسلمين غير العرب، وغير المسلمين العرب، وغير المسلمين غير العرب سببا لمعارضة الخلفاء في دمشق. وفي عام 750 أطاحت ثورة شيعية من الشرق بالأمويين، ووصلت بالأسرة العباسية إلى الحكم.
زعم العباسيون (750-1258) أنهم ينتسبون لأحد أعمام محمد، وتعهدوا - بالأقوال والأفعال المنتقاة - بالبعد كل البعد عن الظلم الذي مارسه الأمويون. نقل العباسيون مركز السلطة من سوريا إلى الشرق، وأسسوا عاصمة جديدة في بغداد عام 762، واتخذوا ألقابا مسيحية بغرض الإشارة إلى اختلاف الوضع عما كان عليه. وبالتأكيد كان الوضع مختلفا في نواح عدة؛ فهم أيضا - مثلما فعل الأمويون قبلهم - أراقوا دماء القادة المسلمين الذين يتمتعون بحضور لدى العامة (فقد نفذوا أعمال القتل الوحشي في مهندسي الثورة العباسية)، وأقاموا سلالة حاكمة، وادعوا الحق في السلطة الدينية. وعزز العباسيون أيضا الانتقال من دولة مفككة قائمة على القبلية إلى إمبراطورية متشابكة. وكان عبد الملك بن مروان قد بدأ في تنفيذ هذا الأمر قبل نصف قرن، لكن في دمشق وهي مدينة لم تكن قط مركزا لأي إمبراطورية على الرغم من عراقتها الهائلة. وفي بغداد كان العباسيون قريبين من العاصمة الساسانية القديمة قطيسفون، ومع أن حياة الخمر والنساء والغناء التي سادت شبه الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام بدت شبيهة بحياة الخمر والنساء والغناء في البلاط العباسي، فإنه مع تولي هارون الرشيد (786-809) الحكم، كان الشرق الأدنى قد شهد تحولا جذريا من نواح عديدة.
Shafi da ba'a sani ba