Tarihin Tattalin Arziki na Duniya: Gabatarwa Ta Kankana
التاريخ الاقتصادي العالمي: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
اليابان
تمثل اليابان حالة خاصة مثيرة للاهتمام؛ حيث إنها كانت الدولة الآسيوية الأولى التي تلحق بالغرب. ينقسم التاريخ الياباني إلى أربع فترات: عصر توكوجاوا (1603-1868) عندما كان يحكم البلاد حكام عسكريون (الشجونيون) من قبيلة توكوجاوا، وعصر الإمبراطور ميجي (1868-1905) عندما استرد الإمبراطور ميجي سلطته وبدأت عملية التحديث الاقتصادي، والفترة الاستعمارية (1905-1940) عندما أنشئت الصناعات الثقيلة، وأخيرا عصر النمو السريع (1950-1990) عندما لحقت اليابان بركب الدول الغنية الغربية.
ترجع جذور نجاح اليابان إلى عصر توكوجاوا، على الرغم من وجود العديد من المؤسسات التي كانت معادية للنمو الاقتصادي. كان المجتمع في تلك الفترة مقسما إلى طبقات - الساموراي، والفلاحين، والحرفيين، والتجار - وكان النظام الإداري للبلاد مقسما إلى عدة مئات من المناطق الخاصة التي كان يحكم كلا منها حاكم كان يطلق عليه دايميو. كانت هذه المناطق الخاصة يمكن مصادرتها؛ وهو ما أدى إلى عدم ضمان الملكية الخاصة في أعلى المستويات الاجتماعية، مثلما كان الحال في إنجلترا تحت حكم الملكة إليزابيث، وكانت القيود الصارمة تفرض على التجارة ووسائل الاتصال الدولية. لم يسمح بدخول سفن للبلاد إلا السفن القادمة من الصين وكوريا وهولندا، ولم يكن يسمح للهولنديين إلا بدخول مستوطنة صغيرة في ناجازاكي.
تطورت التكنولوجيا في عصر توكوجاوا، بيد أن طبيعة التطورات كانت عكس مثيلتها في بريطانيا. فنظرا لانخفاض الأجور في شرق آسيا، ابتكر اليابانيون تكنولوجيا تزيد من حجم العمالة بغرض رفع إنتاجية الأراضي، وزيادة رأس المال والمواد. على سبيل المثال، كانت العمالة تستخدم نظم ري لزيادة إنتاجية المحاصيل، وزرعت أصناف جديدة من الأرز مثل أكاماي، كما سمح التحكم في نظم الري بزراعة محصول ثان مثل القمح أو القطن أو قصب السكر أو التوت أو بذور اللفت. عمل المزارعون لساعات أطول لكل هكتار، واستثمروا رأس مال أقل مع حلول المعاول محل المحاريث وحيوانات الجر.
تحسنت الإنتاجية في عمليات التصنيع أيضا. حاولت المناطق الخاصة اجتذاب الصناعات، كما دعمت الأبحاث لزيادة الإنتاجية؛ حيث كانت زيادة الإنتاج تؤدي إلى تحقيق المزيد من العائدات الضريبية. وفي حالة صناعة الحرير، لم تستمر التجارب المبكرة لاستخدام الماكينات على النهج الإنجليزي (من خلال استخدام أنظمة ميكانيكية للتروس والسيور، مثلا، مستوحاة من تقنية عمل الساعات والماكينات الآلية)؛ حيث لم يكن استخدامها اقتصاديا. بدلا من ذلك، كانت التجارب موجهة لتحسين إنتاجية دود القز، فأدت تربية سلالات محددة من دود القز والتحكم في درجات الحرارة إلى تقليص فترة النمو، وزادت من إنتاجية الحرير لكل شرنقة بنسبة الربع. في مجال التعدين، كانت أنظمة الصرف الميكانيكية معروفة لكنها لم تكن مستخدمة، بدلا من ذلك، كانت جيوش من العمال تقوم بهذا العمل. بالمثل، جرى الاستعانة بأعداد هائلة من العمالة لاستخراج أقصى كمية ممكنة من المعادن من المادة الخام، وكان الاستثناء الذي يثبت القاعدة هو مشروب الساكي. أقيمت مصانع كثيفة رأس المال، وتعمل من خلال طاقة المياه فقط؛ لأن الحكومة قيدت الإنتاج عن طريق تقليص وقت عمل مصانع الساكي، وهو ما أدى إلى إنشاء مصانع كثيفة الإنتاج.
أدت عملية التنمية خلال عصر توكوجاوا إلى ازدهار لم يعم على الجميع بالتساوي؛ فقد زاد عدد السكان، وكذلك حجم إنتاج محصول الأرز في القرن السابع عشر، ولكن ظلت أجور العمال عند حدود «الحد الأدنى» من متطلبات الحياة. كان الشخص المتوسط يستهلك حوالي 1800 سعر حراري يوميا في أواخر عصر توكوجاوا وفي أوائل فترة الإمبراطور ميجي، وكانت معظم السعرات الحرارية والبروتين يتوفران من خلال الأرز والبطاطس والبقوليات وليس اللحوم أو السمك. ترتب على ذلك قصر قامة اليابانيين؛ حيث بلغ متوسط طول الرجل الياباني 157 سنتيمترا، فيما بلغ متوسط طول النساء 146 سنتيمترا.
ورغم ذلك، تمتع الكثيرون بأسلوب حياة مرفه؛ عاش حوالي 15٪ من إجمالي عدد السكان في المدن، وكانت مدن إيدو (طوكيو حاليا) - التي بلغ عدد سكانها مليون نسمة - وأوساكا وكيوتو (400 ألف نسمة في كل منهما) ضمن أكبر المدن في العالم. وكان متوسط عمر الفرد يزداد، وزادت أوقات الفراغ؛ حيث كان الفلاحون يحصلون على «أيام ترفيهية» ويسافرون عبر البلاد. كان مستوى الحضور في المدارس مرتفعا بالنسبة لمجتمع زراعي . في عام 1868، كان 43٪ من البنين و10٪ من البنات يرتادون المدارس؛ حيث كانوا يتعلمون القراءة والحساب، وكان أكثر من نصف الرجال البالغين يستطيعون القراءة والكتابة، وكانت القراءة بغرض التعليم والمتعة منتشرة، وكان سعر الكتب مرتفعا بالنسبة لمعظم الناس، لكن كان يمكن اقتراضها في مقابل إيجار من متاجر الكتب . في عام 1808، كان هناك 656 متجرا في إيدو لإقراض الكتب، وكانت توفر الكتب لنحو 100 ألف عائلة (أي ما يقرب من نصف عدد السكان). كان ارتفاع مستوى التعليم يرجع على الأرجح إلى تحول الاقتصاد الياباني إلى التجارة، وهو ما مثل أساس النمو فيما بعد.
حققت اليابان في عصر توكوجاوا مستوى مبهرا من الكفاءة الهندسية والإدارية التي تجلت في إنشاء أول مصنع للحديد في ناجازاكي، وكانت الضرورة العسكرية دافعا لذلك. في عام 1808، دخلت السفينة «إتش إم إس فيتون» ميناء المدينة لمهاجمة السفن الهولندية، وهددت السفينة بقذف الميناء إذا لم تقدم لها المؤن. لم يمتلك اليابانيون مدافع حديدية للدفاع عن أنفسهم؛ حيث لم يكن لديهم أفران لصنعها. شكل نابيشيما ناوماسا - الذي أصبح حاكم ناجازاكي، وكان مولعا بالعلوم الغربية - فريقا لإقامة مصنع لإنتاج المدافع، تألف الفريق من العلماء والحرفيين المهرة في مجال صناعة الحديد. قام أعضاء الفريق بترجمة كتاب هولندي يتضمن وصفا لأحد مصانع الحديد في ليدن، وصمم أعضاء الفريق مصنعا مثله. في عام 1850، نجح الفريق في بناء فرن عاكس، وبعد ثلاث سنوات نجح الفريق في صناعة أول مدفع من الحديد. في عام 1854، استورد الفريق بنادق أرمسترونج متطورة تحشى من الخلف من بريطانيا، وصنعوا نماذج مطابقة لها. وبحلول عام 1868، كانت اليابان تمتلك أحد عشر فرنا لصب الحديد.
استعادة حكم الإمبراطور ميجي
في عام 1839، هاجمت بريطانيا الصين لإجبارها على السماح باستيراد الأفيون، الذي كان أحد أكثر منتجات شركة الهند الشرقية تحقيقا للربح، وقد انتصرت الإمبريالية التي تروج للمخدرات بهزيمة الصين في عام 1842، فهل كان الدور على اليابان؟ بدا أن الإجابة كانت «نعم» عندما وصل القائد البحري الأمريكي بيري ومعه أربع بوارج حربية في عام 1853 إلى اليابان، وطلب إنهاء اليابانيين فرض القيود على التجارة الخارجية. وفي ظل غياب سلاح بحرية حديث، لم تجد اليابان بدا من الموافقة وتوقيع معاهدات مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا، ومن ثم ظهرت الحاجة الملحة لوجود جيش قوي. وقد اتخذ الحكام العسكريون التوكوجاويون بعض الخطوات لتحسين وضع اليابان الأمني، وهو ما وجده الكثيرون غير كاف ومتأخرا كثيرا.
Shafi da ba'a sani ba