Tarihin Ifriqiya
تاريخ أفريقية والمغرب
Nau'ikan
وعيسى الجلى، وغيرهم ممن كان يتوثب على الأمراء؛ لأن كل عامل من عمال إفريقية كان من وجوه الجند على خوف من قيامهم؛ لأن أكثرهم يرى أنه أحق بالأمر منه، فلما ولى إبراهيم علم أنه لا سلطان له عليهم مادام بين أظهرهم، فصرف من صرف إلى المشرق منهم، واشترى موضع القصر القديم من ابن طالوت او شى، وابتنى به قصرا فجعله متنزها، ثم جعل ينقل إليه السلاح والأموال سرا وهو فى خلال ذلك يراعى أمور أجناده ويصلح طاعتهم، ويتفقد أمورهم، ويصبر على جفائهم، وأخذ فى شراء العبيد، وأظهر أنه يريد أن يتخذ من كل صناعة صنعة تغنيه عن استعمال الرعية فى كل شىء من أمورهم، ثم اشترى عبيدا لحمل سلاحه، وأظهر للجند أنه أراد بذلك إكرامهم عن حمل سلاحه. ولما تهيأ له من ذلك ما أراد انتقل من دار الإمارة، وصار إلى قصره بعبيدة وأهله وحشمه وأهل بيته، وكان انتقاله ليلا، وأسكن معه من يثق به من الجند، وكان يتولى الصلاة بنفسه فى المسجد الجامع الذى فى القيروان والمسجد الذى بناه وشاده بالقصر القديم.
فذكر أنه صلى يوما، فلما قضى الصلاة عثر ببعض الحصر، فأمر أن يؤتى بمن حضر الصلاة من وجوه الناس، فلما أتوا قال لهم: «استكهنونى» فأبوا فقال: «لا بد» فقال:
«إنى خفت أن يقول إنى خرجت أصلى وأنا سكران، فأحببت أن تعلموا مرادى» وكان حافظا للقرآن عالما به.
وكان أبو عبد الرحمن النفزى الكوفى يقول: قال لى الأمير إبراهيم: «أحب أن أقرأ عليك القرأن ولك بكل حرف اخطئه مائة درهم» فقلت: «إذا تقل درهمى- أصلح الله الأمير-» فقرأ على فما أخطأ غير حرف واحد نقله من موضع إلى موضع، وذلك قوله تعالى: ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فى سورة المؤمنين، قرأ هو:
بأنه كانت تأتيهم. وهو «بأنهم- ها هنا- كانت تأتيهم». فى التغابن «ذلك بأنه».
ووفد عليه رجل من المشرق، وكان أديبا، وقد سخط إبراهيم على رجال من الجند خالفوا عليه فاستشفعوا بهذا الرجل، فقال: مثلى ومثلهم كما قال الشاعر:
كأنى سلبت القوم نور عيونهم وقد
فلا العذر مقبول ولا الذنب يغفر
كان وقد كان إحسانى لهم غير مرة
ولكن إحسان البغيض يكفر
Shafi 134