ولا بياض إلا سودوه» ويقال إن معاوية قال يوما لأصحابه: «إنى رأيت فى منامى البارحة كأن رجلا قدم على وافدا من العراق، فلما مثل بين يدى طال حتى بلغ السماء»، قال:
فلما كان بعد ثلاثة أيام قدم عليه المهلب، فقال معاوية: «هذا الرجل الذى رأيت فى منامى».
قال ابن سلام: وقدم الملهب على ابن الزبير بمكة، فخلا به يشاوره، فقال له عبد الله بن صفوان: «يا أمير المؤمنين من الذى يشغلك يومك هذا؟» قال: «أما تعرفه؟» قال «لا» قال: «هذا سيد أهل العراق» قال: «أهو المهلب»!؟ قال: «نعم»، فقال المهلب: «من الذى يكلمك يا أمير المؤمنين؟» قال: «سيد قريش» قال: «أهو عبد الله بن صفوان» قال: «نعم»، قال: وكان يزيد بن حاتم خاصا بأبى جعفر المنصور، فكان لا يحجب عنه، وتولى ولايات كثيرة قبل قدومه المغرب، منها أرمينية والسند ومصر وأذربيجان، وهو أحد من دبر معه قتل يزيد بن عمر بن هبيرة الفزارى، وقال: «أيها الأمير إن ابن هبيرة يأتى فيتضعضع له العسكر وما نقص من سلطانه شىء!» فدبر معه أمره حتى قتله أبو جعفر، مع الذى كتب بينه وبينه وبعث برأسه إلى أخيه أبى العباس، فوضع بين يديه ثم التفت إلى إسحاق بن مشكم العقيلى، فقال: «يا إسحاق ما أعظم رأس ابن عمك!» قال: «طينة عهدكم التى نزل بها من قصره وفرق بها جمعه كانت أعظم!» فاحتملها أبو العباس، وولى أبو الجعفر يزيد بن الحاتم مصر فى ذى الحجة سنة أربع وأربعين ومائة.
وكان أبو جعفر عالما بالمغرب خائفا عليه، وكان لا يبعث إليه إلا أهل ثقته من ذوى الرأى الأصيل والخطر الجليل، قال يزيد بن حاتم: «لما ولانى المنصور مصر دخلت عليه، وكنت لا أحجب عنه» فقال لى: «يا أبا خالد، بادر هذا النيل قبل خروج الرايات الصفر وأصحاب الدواب البتر» قال يزيد: ولما ولانى المغرب انتهى فى تشييعى إلى فلسطين، فحسدنى أقوام منهم شبيب بن شيبة بن عقال، ورفع إليه ابن شيبة بن عقال كتابا لم يأل فيه من الحمل على والذكر لمساوى وتخويفه الغوائل، قال: فأرسل إلى
Shafi 86