حتى قتل، وذلك يوم السبت للنصف من ذى القعدة سنة أربع وخمسين ومائة، وبايع الناس جميل بن حجر، وكان أخا عمر لأمه، فلما طال عليه الحصار دعاه ذلك إلى موادعة أبى الحاتم، فصالحهم على أن جميلا وأصحابه لا يخالفون طاعة سلطانهم ولا ينزعون سوادهم، على أن كل دم أصابه الجند من البربر فهو هدر، وعلى ألا يكرهوا أحدا من الخيل على بيع سلاحهم ودوابهم، فأجابهم إلى ذلك أبو الحاتم، ودخل معهم فى الشرط عمرو بن عثمان الفهرى على الوفاء بذلك، ففتح جميل أبواب المدينة وخرج أكثر الجند إلى طبنة، وأحرق أبو حاتم أبواب المدينة وأفسد فى سورها وبلغه قدوم يزيد بن حاتم، فتوجه إلى طرابلس واستخلف على القيروان عبد العزيز بن السمح المعافرى، وبعث إليه أبو حاتم يأمره بأخذ سلاح الجند، وأن لا يجتمع منهم اثنان فى مكان وأن يوجه إليه بهم واحدا بعد واحد. فاجتمعوا واستوثق بعضهم مع بعض بالأيمان ألا يرضوا بهذا وقويت قلوبهم بيزيد بن حاتم، فلقوا عمرو بن عثمان الفهرى، فقالوا له: قد كنتم حلفتم لنا الوفاء بما اشترطنا عليكم وإن هؤلاء القوم قد غدروا بنا وأرادوا أخذ سلاحنا ليفرقوا بيننا وبينهم، فقال لهم عمرو بن عثمان: «ليس يجمعنى من البربر خلق ولا دين» قالوا:
«إما أنت فقد جامعتهم على قتل والى أمير المؤمنين عمر بن حفص وشيعته وأنصاره، فهل لك بجنود أمير المؤمنين من طاقة أم تستطيع أن تحرز منهم دمك ونفسك ومالك وأهلك، ولكن هل لك فى أمر تمحو به ذنوبك القديمة والحديثة؟» قال: «ما هو؟» قال: «تقوم بطاعة أمير المؤمنين معنا، وتنتقم على أبى حاتم غدره بنا». قال: ففعل ذلك عمرو بن عثمان، وتولى الأمر وقام به وقتل أصحاب أبا حاتم واتصل ذلك به، فزحف إليه من طرابلس فلقيه عمرو بن عثمان ومن معه من الجند وغيرهم فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل من البربر خلق كثير ومضى عمرو بن عثمان وأصحابه متوجهين نحو تونس، ومضى جميل ابن حجر والجنيد بن سياق هاربين نحو المشرق وخرج أبو حاتم فى طلب عمرو بن عثمان، ووجه قائدا من قواده يقال له حريز بن مسعود المديونى على مقدمته، فأدركه بجيجل من ناحية كتامة، فقاتلوه فقتل حريز بن مسعود وأصحابه وانصرف عمرو والمخارق
Shafi 84