فخرج إلياس إلى «سمنجة» فوافاه حبيب وعمران ومن معهما فهموا بالقتال، ثم اصطلحوا على أن يعود عمران إلى ولاية تونس وصطفورة والجزيرة، ويكون حبيب على قفصة وقصطيلية ونفزاوة، وإلياس بسائر إفريقية والمغرب.
ومضى إلياس مع عمران إلى تونس، وانصرف حبيب إلى القيروان، فوثب إلياس على أخيه عمران، وعلى عمرو بن نافع بن أبى عبيدة الفهرى والأسود بن موسى بن عبد الرحمن بن عقبة فشدهم وثاقا، ووجه بهم إلى يوسف بن عبد الرحمن بن عقبة فى سفينة، وهو إذ ذاك والى الأندلس، فوصلوا إليه وولى على تونس محمد بن المغيرة القرشى، وانصرف إلى القيروان فبلغه عن حبيب أخبار كرهها، فأغرى الناس للقيام عليه فى ما يتزيد به من ضياع أبيه، وأرسل إليه من زين له الخروج إلى الأندلس إرادة الراحة منه، ففعل وجهزه إلياس، فوجه معه شقيقه عبد الوارث، ومن أحب من مواليه، فركبوا فى البحر، فوقعوا فى طرقة، فتعذرت عليهم الريح، فكتب إلى إلياس: بأن الريح قد ردته، وأن السير لم يمكنه. فاتهمه إلياس، وخاف إلياس من ناحيته وكتب إلى عامله سليمان بن زياد الرعينى يحذره أمره. وسمع موالى عبد الرحمن وصنائعه بخبر حبيب فأتوا إليه من كل ناحية وطرقوا سليمان بن زياد ليلا، وهو معسكر يحارس حبيبا، فأسروه وشدو وثاقه، ومضوا إلى حبيب فأخرجوه إلى البر، وأظهروا أمره فتوجه إلى الأربس فأخذها وبلغ خبره إلياس خرج يريده، واستخلف على القيروان محمد بن خالد القرشى، فلما قرب إلياس منهما تحاربا حربا خفيفا لم يتناجز فيه، فلما أمسى حبيب أوقد النيران ليظن إلياس أنه مقيم ثم يفد إلى القيروان، فأوقع بمحمد بن خالد خليفة إلياس، وكسر باب السجن وأخرج منه سلام بن عبد الرحمن بن حبيب أخاه، وجماعة من صنائع أبيه ومواليه ورجع إلياس فى طلبه ونزل على القيروان، وفسد عليه أكثر من معه وخرج فى جمع عظيم، فكان على ميمنة إلياس عمرو بن عثمان الفهرى، وعلى مسيرته أبو شريك الجزرى، فخذلا إلياس ومضيا عنه فلما التقى إلياس وحبيب، قال له حبيب: «لم تقتل موالينا وصنائعنا بيننا، وهم لنا حصن، ولكن أبرز أنت وأنا فأينا قتل صاحبه استراح منه، إن قتلتنى ألحقتنى بأبى، وإن قتلتك
Shafi 79