إلى القيروان خوفا أن يخالفه عبد الواحد إليها، وقيل: إن عبد الواحد لما وصل إلى باجة أخرج إليه حنظلة بن صفوان رجلا من لخم فى أربعين ألف فارس، فقاتلوه بباجة شهرا فى الخنادق والوعر.
قال عمر بن غانم: أخبرنى أبى، قال: لما كان اليوم الذى انهزمنا فيه لم نصب شعيرا لخيلنا فعلفناها القمح، ولم نظن أنه يكون ما كان من أمر الهزيمة، فلما كان من غد انهزم اللخمى فلم تقم له قائمة حتى انتهى إلى القيروان، فلما هزمنا وأخذنا الطرد أصاب خيلنا انتشار، فلا تزال ترى صرعى، فلما توافينا إلى القيروان تحاسبنا، ففقدنا عشرين ألف فارس ووصلنا فى عشرين ألفا. قال: وتوافى عبد الواحد، فنزل بالأصنام من جراوة، ثلاثة أميال عن القيروان، وكان فى ثلاث مائة ألف.
قال عبد الواحد بن أبى حسان: فأخرج حنظلة كلما كان فى الخزائن من السلاح، وأحضر الأموال، ونادى فى الناس، فأول من دخل عليه رجل من تجيب، من أهل قلعة مجانة، قال له: «ما اسمك؟» قال «نصر بن ينعم» قال: فتبسم حنظلة كالمكذب له، ثم قال له: «بالله أصدق» قال: «والله مالى اسم غير ما ذكرت لك» فدعا عريفه فقال:
«ما اسم هذا؟» قال: «نصر بن ينعم» فكبر حنظلة عند ذلك، وتفاءل به- ويقال «نصر بن فتح»- وأمر بدرع فصبت عليه، وأمر بواحد بعد واحد يصب عليه الدرع ويعطيه خمسين دينارا، فلم يزل يفعل ذلك حتى كثر الناس عليه، فرد العطاء إلى أربعين، ثم إلى ثلاثين، ولم يكن يقدم إلا شابا قويا فعبأنا حنظلة الليل أجمع، والشمع حوله وبين يديه، فلم يصبح حتى عبأ خمسة آلاف دارع وخمسة آلاف نابل، وجعل على الطلائع شعيب بن عثمان، وعلى الساقة عمرو بن حاتم، وعلى الميمنة عبد الرحمن بن مالك الشيبانى. فلما دنوا من البربر وهم متوارون بالقرب، وإذا بمنصور الأعور، وكان من أكبر فرسانه على الكدية الحمراء، وهو على فرس أشهب معرفة، فأشار إلى أصحابه ثم انحدر إلينا غير مكترث بنا ولا مبال بشىء حتى إذا كان غير بعيد منا أتبعه أصحابه وزحفنا إليه حتى أحسسنا بأنفاسهم فى وجوهنا، وإذا بفارس يركض من عند حنظلة: أن قفوا!. قال: فوقفنا، وإذا بقصاص وقراء من أهل العلم والدين والفقه قد
Shafi 70