وولى هشام إفريقية كلثوم بن عياض القشيرى (1)
فقدم فى شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين ومائة، وقد عقد له على اثنى عشر ألفا من أهل الشام، وكتب إلى والى كل بلد أن يخرج معه، فسار معه عمال مصر وبرقة وطرابلس حتى قدم إلى إفريقية، فنكب عن القيروان ونزل بسبيبة، وكان على طلائعه بلج بن بشر القيسى، فلما وصل بلج إلى القيروان قال: «يا أهل إفريقية، لا تغلقوا أبوابكم، حتى يعرف أهل الشام منازلهم» مع كلام يغيظهم به، فكتب عرب إفريقية إلى حبيب بن أبى عبيدة، وهو مواقف للبربر: إنك تواقف عدوا، وهذا عدو قد نزل بنا، يريد نزول ديارنا علينا، وعرفوه بما قال، فكتب حبيب بن أبى عبيدة إلى كلثوم: أن ابن عمك السفيه قال لأهل بلدنا كذا وكذا، فارحل بعسكرك عنهم، وإلا حولنا أعنة الخيل إليك «فكتب كلثوم إلى حبيب يعتذر إليه، ويأمره أن يقيم بشلف ولا يجاوزه حتى يقدم عليه، واستخلف كلثوم على القيروان عبد الرحمن بن عقبة الغفارى، وهو إذ ذاك قاضى إفريقية، ثم سار كلثوم ووجه على مقدمته بلج بن بشر فوصل بها إلى عسكر حبيب، فرفضه بلج واستهان به، وخطب الناس فسب حبيب بن أبى عبيدة وانتقصه، وقال: «هذا الذى يحول أعنة الخيل إلينا!» «فقام إليه عبد الرحمن بن حبيب، وهو إذ ذاك حدث السن، وقال يا بن أم بلج، هذا حبيب فاعرض له إذا شئت،» وصاح بالناس: «السلاح السلاح!!. فمال أهل إفريقية إلى ناحية ومعهم أهل مصر، ومال أهل الشام إلى الناحية، ثم سعى بينهم بالصلح.
وكان هذا الاختلاف سبب هلاكه مع سوء رأى ...
فلما بلغتم نيل ما قد أردتم
وطابت لكم فيها المشارب والأكل
تغافلتم عنا كأن لم نكن لكم
صديقا وأنتم ما علمت لنا وصل
Shafi 65