الأنصارى- وكان غائبا- بصقلية، فإذا قدم كتب إلى الأمير بالأمر، فإنه لا يتهمه وهو عامل علينا له، وسيقبل قوله ويصدقه. فقبل الشيخ رأى ابنه، فلم يلبث محمد إلا يسيرا حتى قدم بغنائم أصابها، فقلدوه أمر إفريقية فكتب إلى يزيد بن عبد الملك يخبره بما كان فى وجهه، وبما حدث من الأمر بإفريقية ورضاء الناس به، وبعث فى ذلك خالد بن أبى عبيدة التجيبى، وهو من أهل تونس، فقبل منه وعفا عما كان من حديثهم. قال خالد: «فدعانى، خاليا، فسألنى أى رجل محمد بن أوس الأنصارى»، فقلت:
«رجل من أهل الدين، والفضل، معروف بالفقه» قال: «فما بها قرشى إلا المغيرة بن أبى بردة» قال: «قد عرفته، فما باله لم يقدم» قلت: «إنى ذلك». فاستعمل يزيد على إفريقية بشرا.
ولاية بشر بن صفوان الكلبى (1)
فقدمها سنة ثلاث ومائة، ثم إن بشرا وفد بعد ذلك إلى يزيد فألقاه قد هلك فى ربيع الأول سنة خمس ومائة، فكانت خلافته أربع سنين وشهرا وأربعة أيام، ثم ولى هشام بن عبد الملك، فرد بشر بن صفوان إلى إفريقية. فلما قدمها ولى على الأندلس عبد الله بن سحيم الكلبى، وعزل عنها الحسن بن عبد الرحمن القيسى، ثم إن بشر بن صفوان غزا صقلية بنفسه، فأصاب سبيا كثيرا ثم رجع من غزوته، فتوفى بالقيروان سنة تسع ومائة، فلما احتضر صاحت جارية عند رأسه: «وا شماتة الأعداء يا سيداه!» قال: «قولى للأعداء لا يموتوا»، واستخلف فى موضعه العباس بن ناصعة الكلبى، فكانت ولاية بشر بن صفوان فى المرة الأولى (أ)، والثانية سبع سنين.، فلما انتهى موت بشر بن صفوان إلى هشام استعمل على إفريقية عبيدة.
Shafi 63