ابن أبى حسان أن موسى لما فتح [سقيوما] كتب إلى الوليد بن عبد الملك: إنه صار لك من سبى سقيوما مائة ألف رأس. فكتب إليه الوليد: «ويحك! إنى أظنها من بعض كذباتك، فإن كنت صادقا فهذا محشر الأمة».
فلما وصل موسى إلى قرطبة، استجار طارق بابنه عبد العزيز فشفع له عند أبيه، ودخل موسى قرطبة فأتاه طارق بن زياد فترضاه، وقال: «إنما هذا الفتح لك، وإنما أنا مولاك» فقبل منه وعفى عنه، فتكاملت بقرطبة الجيوش من العرب والبربر فصاروا فى خلق عظيم، فلما رأى موسى بن نصير ذلك دعا بطارق بن زياد، فوجهه على أعنة الخيل إلى مدينة طليطلة.
فتح مدينة طليطلة
وهى مما يلى الأفرنج، فانتخب له الرجال، وسار طارق حتى وقف عليها وأناخ بها وبها اشراف أهل الأندلس وأموالهم وذخائرهم فقاتلهم قتالا شديدا حتى افتتحها، فأصاب فيها جميع كنوزهم وأموالهم، وغنم منها من الجوهر ما لا يجد له قيمة، وأصاب فيها مائدة سليمان بن داود- (عليهما السلام)- وكانت من ذهب مكللة بالدر والياقوت وضروب الجوهر، وكان سبب وصولها إلى طليطلة: أن الروم أخذوا ما كان فى بيت المقدس من مكارم الأنبياء- (عليهم السلام)- حملوها إلى مدينة رومية وحمل أسقافة النصارى مائدة سليمان إلى مدينة الأسكندرية، فلما غزا عمرو بن العاص مصر هربوا إلى مدينة طرابلس، فلما نزل عمرو بن العاص «لبدة» هرب بها الروم إلى قرطا جنة، فلما دخل المسلمون إفريقية هربوا بها إلى مدينة طليطلة، ولم يكن لهم أمنع منها، فلما ظفر بها طارق نظر إلى عجب لم ير مثله قط! فأمر بزبر جدها (أ) فقلع، وهى مكللة بالدر والياقوت، وعمل لها رجلا غيرها، ونهض بجميع ما معه من الجواهر والأموال إلى موسى، ونظر من المائدة إلى عجب لم ير مثله، وذلك سنة أربع وتسعين، فأتى موسى بن نصير شيخ كبير قد عصب على حاجبيه من الكبر، فقال له موسى: «من أنت؟!» فقال: «رجل من
Shafi 55