ومنهم المولى علاء الدين علي بن يوسف بالي بن المولى شمس الدين الفناري، كان من العلماء المحققين ارتحل إلى بلاد العجم وأخذ من علماء هراة، ثم عن علماء سمرقند وبخارى ثم عادة إلى بلاده وكان المولى الكوراني يقول للسلطان الفاتح: يجب أن يكون عندك أحد أبناء المولى الفناري. فلما بلغه وجود المولى علاء الدين من ذرية الفناري استقضاه بمدينة بورسة ثم جعله قاضيا للعسكر المنصور، وفي زمانه ارتقى شرف العلم، وكانت للعلماء سيادة تامة ثم عزل ثم أعاده السلطان بايزيد لقضاء العسكر، ثم عزل وأقام على جبل فوق مدينة بورسة يشتغل بالعلم، وكان يقضي في ذلك الجبل الفصول الثلاثة وينزل إلى بورسة في الفصل الرابع، وكان لا ينام على فراش فإذا غلبه النوم استند على الجدار والكتب بين يديه، وكان ماهرا في العلوم الرياضية وفي علم الكلام وعلم الأصول وفي الفقه والبلاغة، وسلك أيضا طريق التصوف، ودخل في خدمة العارف بالله حاجي خليفة، ومع سعة علمه لم يرغب في التأليف، وليس له إلا شرح الكافية في النحو، وكان ينفق كل ما بيده ولم يدخر من رواتبه الكثيرة التي جرت عليه وهو قاض للعساكر أقل شيء، فقيل له في ذلك، فقال: كنت رجلا سكرانا ولم يوجد عندي من يحفظ المال. يريد أنه كان سكرانا بخمرة الجاه، فقال له بعض الحاضرين: إذا رجعت إلى المنصب فيلزم أن تحفظ المال. فقال: لا يفيد فإنه إذا عاد المنصب يعود معه السكر. توفي سنة ثلاث وتسع مئة وقيل إحدى وتسع مئة.
ومنهم المولى حسن شلبي بن محمد شاه الفناري كان عالما عابدا محبا للفقراء وكان مدرسا بالمدرسة الحلبية في أدرنة، وكان ابن عمه المولى علي الفناري قاضيا بالعسكر في أيام الفاتح، فدخل عليه وقال: استأذن لي من السلطان لأني أريد أن أذهب إلى مصر لقراءة كتاب مغني اللبيب في النحو على رجل مغربي سمعته بمصر يعرف ذلك الكتاب غاية المعرفة. فأذن له السلطان وقال: قد اختل دماغه. وكان السلطان لا يحبه لأنه صنف حواشيه على كتاب التلويح باسم السلطان بايزيد في حياة والده، ثم ذهب غلى مصر وقرأ مغني اللبيب على العالم المغربي قراءة تحقيق وتدقيق، وكتب الكتاب بخطه، وكتب له المغربي إجازة على ظهر الكتاب، وقرأ البخاري على بعض تلاميذ ابن حجر، وأخذ إجازة في الحديث ثم حج ورجع إلى بلاد الروم، فأرسل كتاب مغني اللبيب إلى السلطان، فلما نظر فيه رضي عنه وأعطاه مدرسة إزنيق ثم أعطاه إحدى المدارس الثمان، وفي زمان السلطان بايزيد سكن بورسة وعين له السلطان رزقا كافيا، ومات ببورسة وله حواشي على الشرح المطول للتلخيص وحواشي على شرح المواقف للسيد الشريف وحواشي على التلويح للتفتازاني.
ومنهم المولى مصلح الدين مصطفى بن المولى حسام، وكان عالما في العلوم الشرعية والعلوم الأدبية ومتصوفا أيضا، وكان له اليد الطولى في الإنشاء، وصار مفتيا في بورسة ومات بها.
ومنهم محيي الدين محمد الشهير ب«أخوين» قرأ على علماء الروم ودرس في إحدى المدارس الثمان في قسطنطينية.
ومنهم المولى قاسم المشتهر ب«قاضي زاده» كان أبوه قاضيا في مدينة قسطموني، وكان عالما عابدا وكانت له معرفة بالعلوم الرياضية، وتولى القضاء في بورسة، وكان محمود الطريقة، ومات وهو قاض في بورسة.
ومنهم المولى محيي الدين الشهير ب«ابن مغنيسا اتصل بخدمة المولى خسرو وهو مدرس بمدرسة آيا صوفيا، وكان يسكن في الطبقة العليا من المدرسة، ويشعل سراجه طول الليل، ويرى ذلك السلطان محمد من دار السعادة فسأل السلطان يوما المولى خسرو: من أفضل تلاميذك؟ فقال له: ابن مغنيسا. قال: ثم من؟ قال: ابن مغنيسا. قال السلطان: أهو رجلان؟ قال: لا ولكنه واحد كألف. فقال له السلطان: إنه ساكن في الحجرة الفلانية، وذلك لأنه السلطان كان يرى سراجه موقدا طول الليل. ولما بنى الوزير محمود باشا مدرسته بالقسطنطينية أعطاها السلطان لابن مغنيسا، ففي أول درس ألقاه قال أستاذ المولى خسرو بحضور جم من العلماء: حضرت درسين أحدهما لمحمد شاه الفناري والآخر هذا الدرس، قال ذلك لشدة إعجابه بتلميذهم صار. قاضيا بالقسطنطينية ثم قاضيا بالعسكر المنصور. واتفق أن سافر السلطان الفاتح إلى الحرب في الرومللي فسأل ابن مغنيسا عن بيت من الشعر العربي فقال له: أتفكر فيه بالمنزل ثم أجيب. فقال له السلطان محمد: أيحتاج بيت واحد من الشعر إلى كل هذا. وأمر بحضور المولى سراج الدين - وكان موقعا في الديوان العالي - فسأله عن ذلك البيت ففي الحال أجابه قائلا: هو للشاعر الفلاني من القصيدة الفلانية من البحر الفلاني. ثم قرأ السباق والسياق، وحقق معنى البيت، فقال السلطان لابن مغنيسا: ينبغي أن يكون العالم هكذا في العلم، ثم عزله عن قضاء العسكر وأعطاه إحدى المدارس الثمان، وقال: هو محتاج بعد إلى التدريس، ثم بعد ذلك استوزره ثم عزله عن الوزارة، وفي زمان السلطان بايزيد رجع قاضيا للعسكر وتوفي وهو قاض.
ومنهم المولى حسام الدين حسين بن حسن بن حامد التبريزي المشهور ب«أم ولد» لقب بذلك لأنه تزوج أم ولد المولى فخر الدين العجمي، كان عالما عابدا منقطعا عن الخلق عاكفا على الدرس والعبادة، أعطاه السلطان الفاتح إحدى المدارس الثمان وكان يحبه لصلاحه ويحسن إليه.
ومنهم ابن المعرف، كان من ولاية بالي كسرى وكان معلما للسلطان بايزيد وكان السلطان يقول: لولا صحبتي معه ما صحت عقيدتي.
ومنهم المولى بهاء الدين بن الشيخ الحاجي بيرم كان عالما فاضلا عابدا، صار مدرسا بمدرسة السلطان بايزيد بن مراد في بورسة، وأخذ عن الخواجة زاده ودرس في إحدى المدارس الثمان، ولما بنى السلطان بايزيد بن محمد مدرسته بأدرنة أعطاها إلى المولى بهاء الدين المذكور.
ومنهم المولى سراج الدين، كان معيدا لدرس خواجه زاده ثم أعطاه السلطان الفاتح إحدى المدارس الثمان بقسطنطينية، وكان يحفظ جيدا قصائد العرب، وينظم الشعر العربي، وقد تقدم كونه تغلب على ابن مغنيسا في معرفة الشعر العربي، ومات في عنفوان شبابه وحزن عليه الناس.
Shafi da ba'a sani ba