Tarihin Ibn Khaldun

Shakib Arslan d. 1368 AH
106

Tarihin Ibn Khaldun

تاريخ ابن خلدون

Nau'ikan

إلا أنه لم يلبث الخلف أن وقع بين الحلفاء لأن الفرنسيس اعترضوا على عدم حرمة العثمانيين للدم والدين والمال، فافترق الأسطولان، وغضب السلطان على طوروغوت وأرسل آخر بقيادة بيالي باشا، كان عدده سبعين بارجة حربية، ولكن هذه المرة أيضا لم يقع الوفاق بين أمراء الأسطولين. والفرنسيس يقولون إن قواد الترك لم يكونوا يفكرون إلا في النهب والسبي، وأرسل هنري الثاني إلى سفيره في القسطنطينية يقول له: إني مع الأسف لم أقدر أن أستفيد من عضد الجيش العثماني لي لا لعدم رغبة السلطان في ذلك، بل لاهتمام قواده بالغنائم دون الاهتمام بتنفيذ إرادة مولاهم. ومن بعد هذه الواقعة تصالح هنري الثاني ملك فرنسا مع فيليب الثاني ملك إسبانيا وملحقاتها، وعادت المحالفة التركية الفرنسية من ذلك التاريخ حبرا على ورق، لا سيما أن السلطنة العثمانية بعد السلطان سليمان بدأت بالتقهقر.

وكان السلطان سليمان في آخر حياته قد اختلف مع أولاده، لأن وزيره الأعظم «رستم باشا» وشى للسلطان على ولده مصطفى، وكان العسكر يحب مصطفى حبا جما لكرمه وشجاعته، وكان العلماء والأدباء يحبونه أيضا لاعتنائه بالعلم والأدب فزين رستم باشا للسلطان أن ابنه يريد أن يخلعه ويجلس مكانه، ووقر ذلك في نفس السلطان، فأمر بقتل ولده مصطفى في مخيمه وهو في الأناضول، وذلك في 21 سبتمبر سنة 1553 وكان مصطفى في بروسة فقتلوه أيضا، وبكت المملكة كلها على مصطفى لما كان له من المنزلة في قلوب الأمة، ولا سيما عند العلماء وعند العساكر - أي رجال السيف والقلم معا - وكان مصطفى شاعرا له أغزال لطيفة نشرها تحت اسم مستعار (مخلصي) وكان له تفسير للقرآن وتعليقات على البخاري وكتب نحوية. ورثاه الشعراء ولم يخشوا والده، وكان لمصطفى أخ اسمه «جهانغير» فمات حزنا على أخيه وثارت العساكر على السلطان وطلبت عزل الصدر الأعظم رستم باشا الذي كان الواشي بالأمير مصطفى، وكان السبب في هذه المأساة التي جرحت القلوب بأجمعها، وكان مرجع كل هذه الدسائس إلى السلطانة خورشتم التي كانت تهيئ العرش للأولاد الذين منها، وكان رستم باشا صهرها وهي التي في الحقيقة قتلت الصدر الأعظم إبراهيم باشا، ثم قتلت الصدر الأعظم أحمد باشا الذي كان قد خلف صهرها في الوزارة، وهي التي قتلت الأمير مصطفى ابن السلطان.

ثم نشبت الحرب من جديد بين العثمانيين والمجر، فزحف خادم علي باشا على بلاد المجر واستولى على عدة من المدن، وقام المجر يقاتلونه وعلى رأسهم الأمير فردينانذ ولكن الدولة اضطرت إلى توقيف الحرب والمتاركة، نظرا لما طرأ من الحوادث في بيت السلطنة، لأن الأمير بايزيد ابن السلطان ثار على أبيه على أثر دسائس بين الوزراء لا محل لذكرها هنا، فجمع بايزيد عشرين ألف جندي وقاتل بهم عساكر أبيه، فتغلب أبوه عليه وفر بايزيد مع ولده أرخان إلى أماسية، ومن هناك كتب إلى والده يلتمس منه العفو فوقع الكتاب والرسول في يد «لا لا مصطفى باشا» الذي كان عدوا لبايزيد، فأخفى الكتاب عن السلطان، ولما لم يجد بايزيد جوابا من أبيه ذهب ملتجئا إلى شاه العجم، وكان معه اثنا عشر ألف جندي فقبله الشاه طماسب برا وترحيبا في ظاهر الحال، ولكنه وضع نصب عينه استثمار هذه الحادثة بقدر الاستطاعة، وبالاختصار فقد قبض طماسب أربع مئة ألف ذهب وقتل بايزيد مع أولاده الأربعة، وكان لبايزيد طفل في بروسة في سن ثلاث سنوات فقتلوه أيضا.

وكان قد تولى الوزارة علي باشا وكان رجلا حليما كريما يكره الشر، فعقد مع النمسا صلحا في يوليو سنة 1562، وبعد عقد هذا الصلح تفرغ السلطان لمشروعاته البحرية وأجمع غزو مالطة، فسير بيالي باشا قبطان البحر ومعه صالح بك أمير الجزائر وراغوت أمير طرابلس، وكان الأسطول عشرين ألف عسكري في مالطة وبدءوا بحصار قلعة «سنت ايلم

Sainl-Elme » وفي أول يوم من المهاجمة سقط «دراغوت» أمير طرابلس قتيلا ، وبقي الأتراك يضيقون على ذلك الحصن حتى أخذوه عنوه ولكن أدوا عنه ثمنا غاليا جدا.

وكان رئيس فرسان مالطة «بطرس لا فاليت» فأرسل قائد الجيش العثماني مصطفى باشا يعرض عليه الاستسلام، فأجاب بأنه ليس أمامه سوى الدفاع أو الموت، إلا أن الخبر ورد بأن الحرب نشبت من جديد في بلاد المجر، فأقلع العثمانيون عن مالطة، وذلك أنه كان الأمير «فرديناندو» قد مات وخلفه ابنه مكسيمليان، وكان راغبا في الصلح، إلا إن إتيان بن سابوليا ملك المجر من قبل الدولة العثمانية تجاوز حدود النمسا ودخل بلدة «ساتمار» فلم يسع مكسيمليان إلا أن يحشد جيشه ويدخل إلى بلاد المجر، وكان علي باشا الصدر الأعظم قد مات فخلفه «محمد باشا سوقولوفيتش» من بوسنة، وكان راغبا في الحرب فدخلت الجيوش العثمانية في «كرواسية» و«رانسلفانيا» وجاء السلطان سليمان إلى بلاد المجر، ودخل عليه إتيان بن سابوليا فوعده بأنه لن يفارق المجر قبل أن يوطد له ملكه، فحصر السلطان بنفسه مدينة «سيفيت

Szlgeth » واستولى عليها وامتنعت القلعة وبقي العثمانيون يحاصرونها مدة أربعة أشهر، في أثنائها مات السلطان سليمان فأخفى سوقولوفيتش خبر موته عن الجيش، وكانت وفاة السلطان في 5 سبتمبر 1566، وفي 8 سبتمبر استولى العثمانيون على القلعة وذبحوا كل ما فيها وبقي الصدر الأعظم كاتما موت السلطان عن الجيش يقرأ الأوامر باسمه إلى أن وصل السلطان الجديد من كوتاهية.

ولا شك في أن السلطان سليمان القانوني كان أعظم سلطان أنجبه البيت العثماني، وبرغم ما عابوه من القيادة للسلطانة التي كانت أحظى حظاياه المسماة روكسلان، وبرغم قتله وزيره إبراهيم باشا الذي كان عماد سلطته وقتله أولاده فقد قال المؤرخ «هامر

Hammer » أشهر مؤرخ لسلطنة آل عثمان: إن هذه الأغلاط لا ينبغي أن تنسينا محاسن هذا السلطان الباهرة، التي جعلت من زمانه العصر الأكبر للسلطنة العثمانية، وذلك بعلو همة هذا السلطان، وسعة عقله ومتانة عزمه وشدة بأسه مع محافظته التامة على الشريعة الإسلامية، ومع حبه للنظام والضبط، ومع تثميرة للمملكة وخيراتها ومراعاة الاقتصاد مراعاة لا تخل بشيء من إظهار عظمة الملك والبذخ في مقام البذخ، وكان السلطان سليمان محبا للعلم والعلماء موقرا لهم عارفا بأقدارهم لا يألو جهدا في الإحسان إليهم والاعتناء بشأنهم.

وقال المؤرخ الفرنسي «لا جونكيير

Shafi da ba'a sani ba