Tarihin Yakin Balkan Na Farko
تاريخ حرب البلقان الأولى: بين الدولة العلية والاتحاد البلقاني المؤلف من البلغار والصرب واليونان والجبل الأسود
Nau'ikan
وصفوة القول أن البلغاريين لم يغلبونا بل نحن كنا ضحية لسوء إدارتنا وغلطاتنا، فيجب علينا أن ننظر نظرة صادقة في أحكامنا على أنفسنا، وأن نعود إلى قواعد متينة سواء كان من الوجه الأدبي أو الاجتماعي أو الحربي أو السياسي، وإذا كانت الدروس القاسية التي تلقيناها لا تكفي لتسييرنا في طريق الخلاص فلا شك أنا صائرون مصير بولونيا.
كان أجدادنا قبيلة من الرحل، فنهض بهم جدهم إلى مقام دولة عالمية عظيمة، ثم جاءت عدة أسباب فأودت بالجهد الذي بذله أولئك الأجداد الأبطال، فإذا لم نستأصل تلك الأسباب أوشكنا أن نضيع استقلالنا، بل السلطنة كلها.
تلك صرخة عثماني لم يضن على دولته بالنفس ولا بالنفيس، جعل الله لصداها رنة في قلوب العثمانيين طرا لعلهم يصلحون فيفلحون.
حديث مع الأمير عزيز باشا حسن أحد القواد العثمانيين
الأمير عزيز باشا هو سليل الأسرة العلوية التي أخرجت قوادا كبارا خلد التاريخ ذكرهم، وهو معروف منذ غلواء الشباب بالميل إلى الجندية، والغيرة على الدولة العلية، والسخاء على أنصار الدستور العثماني، ومعدود من جملة الضباط الذين درسوا الأصول الحربية درسا كافيا في ألمانيا، وأكبر دليل على أن شهرته بقيت كما وصفنا إلى يوم قرق كليسا تعيينه قائدا لإحدى الفرق العثمانية في ذاك المكان.
لكن شؤم الطالع قضى بالفشل العظيم في قرق كليسا منذ ابتداء الحرب، فأصاب الأمير وفرقته ما أصاب الفرق التي كانت في تلك الجهات، وأجمع الناقدون الحربيون على أن إرسال أدنى طبقات الرديف إلى هناك وقلة عدد الضباط كانا السبب الأكبر في ذاك الحدث الأليم.
ومن حسن طالع بعض كبار الضباط الذين كانوا هناك وفي مقدمتهم محمود مختار باشا أنهم عادوا فجبروا كسر سمعتهم العسكرية في المعارك التالية، فقامت أعمالهم فيها برهانا دامغا على أن ما جرى في قرق كليسا من الرعب الغريب الفجائي بين الجنود لا يصح أن يجعل أساسا لأحكام عادلة نهائية على كبار الضباط، إذ ليس في وسع ضابط في العالم أن يحرز نصرا حين يكون معظم جنوده من أناس لم يشتموا رائحة البارود، ولم تكتحل عيونهم بدخانه ولم يتعلموا كيف يضعون الرصاص في بنادقهم.
وعلى ذلك نقول: إن المؤرخ الذي ينشد الحقيقة لا يمكنه أن يصدر حكما باتا على الأمير عزيز باشا بعد قرق كليسا وحدها، ولا سيما أن هذا القائد الذي خدم الدولة حبا في الدولة لا في الراتب الذي أغناه الله عنه، أصيب لسوء طالعه بالدوسنطاريا بعد مصيبة قرق كليسا، فلم يستطع مواصلة الخدمة كغيره، ولقد رأيناه كما رآه سكان القاهرة جلدا على عظم يوم قدومه للاستشفاء، وشهد الأطباء الذين عالجوه بأن حالته كانت شديدة، وكل إنسان يدرك بالبداهة أن من كان مريضا لا يمكنه أن يواصل القتال ليعتاض عما أفقدته إياه ظروف قرق كليسا، تلك الظروف التي لم يرو التاريخ مثلها كما قال محمود مختار باشا. •••
قلنا إن دولة الأمير عزيز قدم مصر للاستشفاء، وما نفض عنه غبار السفر حتى هرع إليه الصحافيون يرجون محادثته فأبى أن ينبس ببنت شفه؛ لأن الحرب كانت لا تزال قائمة فلا يجوز لضابط كبير لم يستقل ولم يقل، أن يبحث في الأعمال الحربية. ولما عقدت معاهدة لندرا قصده واضع هذا الكتاب ورجا من دولته أن يجيبه على بعض أسئلة متعلقة بالحرب، فتكرم بالقبول وإليك الأسئلة وخلاصة أجوبتها. سألناه عن تأليف الجيش العثماني قبل الحرب ويوم إعلانها فقال:
إن الحكومة العثمانية غيرت نظام الجيش سنة 1909-1910 فبعد أن كان سبعة فيالق (اوردو) وفرقتين مستقلين، جعلته أربعة عشر فيلقا وعدة فرق مستقلة بعضها في الحجاز والبعض في طرابلس الغرب، ثم في أشقودره ويانيه إلخ. وجعلت كل فرقة مؤلفة من ثلاثة آلايات وفصيلة من النشانجية وعدد من البطاريات، وقررت أن يزاد عليها وقت الحرب بلوك للهندسة، وكوكبتان من الفرسان وعدد من الباشبزق.
Shafi da ba'a sani ba