فاتصال العمل بالقياس بزمن الرسول لا تؤيده الأحاديث الصحيحة ، ولا الوقائع التي تمسك بها أنصار هذا الرأي.
على انه لم يتحقق اجماع من الصحابة والتابعين ، على اعتباره اصلا من أصول الأحكام الشرعية. فروي عن علي (ع) انه قال : «لو كان الدين يؤخذ قياسا ، لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره» (1).
وعن ابن مسعود انه قال : «ان عملتم في دينكم بالقياس ، احللتم كثيرا مما حرم الله ، وحرمتم كثيرا مما حل لكم» (2).
وعن الشعبي انه كان يقول : «إذا سئلت عن مسألة ، فلا تقس شيئا بشيء ، فربما حللت حراما وحرمت حلالا ، وإنما هلكتم حيث تركتم الآثار واخذتم بالمقاييس» (3).
ولم يتحقق اجماع من المسلمين على اعتباره دليلا على الأحكام في عصر من العصور ، حتى عند أهل السنة ، فقد رفض العمل به ابراهيم النظام ومن تبعه من المعتزلة (4) وداود بن علي الأصفهاني الظاهري ، المتوفي سنة 370 وجعفر ابن حرب وجعفر بن ميشة ومحمد بن عبد الله الاسكافي وغيرهم (5). ولكل واحد من هؤلاء أدلة على عدم جواز العمل به ، ووجهات نظر يصدر عنها. وقد استعرض الشافعي ، في كتابه المسمى بالرسالة ، أدلة المانعين ووجهات نظرهم. ودافع عنه ، وانتهى به القول الى انه أداة أمينة لاستنباط الأحكام الشرعية.
Shafi 226