Tarihin Kimiyya a Wajen Larabawa
بحوث في تاريخ العلوم عند العرب
Nau'ikan
هكذا العلم عنده مطلق لدني موحى به، فيؤكد دائما أنه لا علم إلا علم النبي وما عليه إلا التأليف، لعل إطار الشيعة وعلاقتهم بالأئمة وراء اهتمام جابر العذب الجميل بطبيعة العلاقة بين الأستاذ والتلميذ.
وكان يحلو لجابر الإقامة في الكوفة - موطن الشيعة - لطيب هوائها واهتمام أهلها بالعلم، وقد أوضح المستشرق ماسينون أن أول من أطلع على النصوص الهرمسية هم غلاة الشيعة في الكوفة، وأبان العلامة فيستوجير أن الكيمياء في هذه النصوص الهرمسية لا تختلف عن كيمياء إستانس الزرادشتي، كلاهما يعتمد على الاعتقاد في قوى خفية وفي تأثير النجوم، ويستعمل نفس الأساليب التطبيقية، لا خلاف كبير بين أساليب هرمس وأساليب أبولونيوس السكندري، أو بليناس بتعبير جابر
53
الذي رأينا كل هذه الأبعاد تعتمل في كيميائه، ونعتقد أن لقب الصوفي الذي يلحق باسم جابر دائما حتى على غلاف مخطوطاته راجع إلى عمق تأثره بالهرمسية، ولئن كان هذا بعدا غير إسلامي، فقد تفاعل بما يكفي مع بعد إسلامي خالص هو الشيعية. •••
فقد عاش جابر طويلا في مركزها - الكوفة - حيث كان معمله المهيب كما ذكرنا، لكنه لا ينتسب إليها. إنه عربي ينحدر من قبيلة أزد على حدود اليمن، وولد حوالي عام 720م إما في حران بالعراق، وإما في طوس بفارس، رواية حران تدعي أنه أصلا صابئي ثم دخل الإسلام وأظهر إيمانا وغيرة عظيمة على دينه الجديد.
لكن رواية ميلاده في طوس هي الأرجح، ولعلها تبرر - من ناحية - صلته الوثيقة بالبرامكة التي تسببت في أزمة بينه وبين الرشيد حين غضب على البرامكة، وفتك بهم عام 188ه/803م. إنها نكبة البرامكة الشهيرة في التاريخ الإسلامي.
كان يحيى البرمكي مفتونا بجارية جميلة له، أصابها مرض عضال حار فيه الأطباء، غير أن جابرا وصف لها دواء شفاها على الفور،
54
دهش يحيى لهذا وأثارت هذه الدهشة في نفسه، وفي نفس ولديه - جعفر والفضل - شغفا بالعلوم الطبيعية، والبرامكة عموما مهتمون بالكيمياء، فظن هارون الرشيد أن جابرا باح لهم بسر حجر الفلاسفة، وأن هذا هو سبب ثرائهم، ففر جابر إلى الكوفة، ظل مختبئا بها حتى ولاية المأمون؛ حيث وافته المنية هناك حوالي عام 813م.
55 •••
Shafi da ba'a sani ba