Tarihin Kimiyya a Wajen Larabawa
بحوث في تاريخ العلوم عند العرب
Nau'ikan
وفضلا عن عبقرية التعبير في اللفظة «توجد» التي تستدعي تأكيد المنهج العلمي المعاصر على أن العقل يخلق الفرض العلمي خلقا ويبدعه إبداعا، فإننا نجد ما يؤكده ذلك المنهج من تآزر بين الجانبين - الحس والعقل، أو اليد والدماغ، أو الملاحظة والفرض ... - في قوله النافذ الذي يكاد يحمل أوجز صياغة للب المنهج العلمي: «والله قد عملته بيدي وبعقلي من قبل، وبحثت عنه حتى صح، وامتحنته فما كذب.»
29
فها هنا تآزر اليد والعقل، والبحث عن الفرض ثم تعريضه للاختبار التجريبي، أو بتعبير كارل بوبر محاولات تكذيبه، ثم قبول الفرض لاجتيازه الاختبار ومحاولات التكذيب.
ومع كل هذه البلورات المنهجية التجريبية، لا ينبغي أن نشتط كثيرا ونتصور منهجية جابر صورة طبق الأصل من نظريات فلاسفة العلم المعاصرين، فثمة أبعاد كثيرة تتداخل، ربما لا ينبغي أن نتوقف كثيرا بإزاء أبعاد أقل ما يقال عنها إنها خرافية خزعبلية، لحقت بالحس والإدراك الحسي من قبيل أفاع بوادي الخزلج، إذا «رآها » الناس ماتوا، وكذلك جميع الحيوان، وجبهة الأرنب البحري إذا «لمست» لحم الإنسان فتقته ... ومثل هذا في السمع والشم والمسامتة
30 ... وصفحات جابر تعج بأمثال هذه الترهات التي لا تنطلي حتى في قصص الأطفال. لكن ينبغي الإشارة إلى بعد ميتافيزيقي راجع لطبيعة العصر، يجعل «العلم» عند جابر هو «العقل»، والمعرفة العقلية مقدمة دائما على المعرفة الحسية.
ومع هذا وذاك لا نملك إلا تقدير تلك الصياغة الجميلة حقا للاستدلال التجريبي منهاجا وتطبيقا. •••
والجدير أيضا بالتقدير تلمس جابر لأهمية التكميم في العلم، والتكميم سر تقدم الكيمياء الحديثة، وآية دقتها وانضباطها، الكمية عنده هي «الحاصرة المشتملة على قولنا الأعداد مثل عدد مساو لعدد، أو عدد مخالف لعدد، وسائر الأرطال والأعداد والأقدار من الأوزان والمكاييل وما شاكل ذلك.»
31
فضلا عن القياس الذي هو علاقة بين وزنين أو طولين، وقد اشتهر عن جابر استخدامه للميزان في تجاربه واهتمام طاغ بالموازيين، وقد جعلها عنوانا لأهم كتبه، مرة أخرى - وليست أخيرة - جاءت الموازين معه مسربلة بالعديد الجم من الأبعاد الميتافيزيقية واللاهوتية تضع فراسخ بينه وبين الموازيين الدقيقة للكيمياء الحديثة، فأين نذهب بعشرة قرون من الزمان تفصلهما، وأين نذهب بالمؤثرات والأبعاد العديدة التي تطاحنت في ذهنه، كفاه فخرا التفاته للميزان في خضم كل هذا، وبسبب تحكيمه إياه في تجاربه واتخاذه أساسا للبحث، اعتبره بول كراوس، من أعظم رواد العلوم التجريبية إجمالا وليس الكيمياء فحسب.
على أية حال قدم جابر المعاني الآتية للميزان، التي تعكس بدورها أبعادا شتى: (1)
Shafi da ba'a sani ba