Tarihin Kimiyya a Wajen Larabawa
بحوث في تاريخ العلوم عند العرب
Nau'ikan
وفلسفة الطبيعة هي السلف المباشر للعلم الفيزيوكيماوي الحديث، وأي تفهم لأصوله في العصور القديمة والوسيطة، يستدعي تفهما للأصول الفلسفية لتصور الطبيعة في إطار الحضارة المعنية ومجمل بنيتها المعرفية.
وبالنسبة للتراث العربي، فقد أتى في جملته - ككل وكفروع - كنتيجة لمعلول محدد هو الثورة الثقافية العظمى التي أحدثها نزول الوحي وظهور الإسلام في المجتمع البدوي القبلي.
وقد كان علم الكلام هو أول دائرة معرفية ترسمت حول الوحي إنه نبتة أصيلة نشأ قبل عصر الترجمة - قبل التأثر بالفلسفة اليونانية - كأول محاولة لتجاوز النص الديني وإعمال العقل البشري في تفهمه وإثبات مضامينه. فكان بحق أوسع وأهم المجالات لما أسماه محمد عابد الجابري «العقلانية العربية الإسلامية»، أو أنه - كما رأى الشيخ مصطفى عبد الرازق - الفلسفة الإسلامية الشاملة حتى لعلم أصول الفقه بكل تألقه المنهجي.
ومن ثم فعلى الرغم من أن منظور عصرنا يبدي سلبيات جمة في علم الكلام، تفرضها المهام المنوطة به في إطار الحدود الحضارية والقصورات المعرفية لذلك العصر البعيد، فإنه تبقى إيجابية علم الكلام العظمى في أنه تشكل للعقل العربي الصميم، والحق أنه لم يكن إلا ممارسة للتفكير الفلسفي في القضايا التي أثارها نزول الوحي في المجتمع العربي، اتخذت شكل البحث في العقائد؛ لأنه الشكل الأيديولوجي المتفاعل والمثير للقضايا الفكرية.
2
لقد كان بمثابة الفلسفة الإسلامية الخاصة التي شقت الطريق ومهدته للفلسفة الإسلامية العامة أو الحكمة.
فلئن كان كل من الكلام والفلسفة طريقا مستقلا نسبيا في سياق الحضارة الإسلامية، فإن الحدود بينهما مموهة إلى حد ما. لقد استفاد علم الكلام كثيرا في مراحله المتأخرة من أتون التفلسف العقلاني - من المنطق - فكان ينمو ويتطور، ينضج ... ينضج، فنضج حتى احترق - كما يقول الأقدمون
3 - وتنبعث من رماده عنقاء الفلسفة. «ومن القرن السادس الهجري حتى القرن الثامن أصبحت موضوعات علم الكلام هي نفسها موضوعات الفلسفة»
4
ولا شك أن المعتزلة لهم دور خاص في توجيه الفكر الكلامي الإسلامي إلى طريق يؤدي في النهاية إلى التفلسف الذي عاش طور الحضانة تحت جناحيهم - بتعبير حسين مروة - وقد أسهب ابن خلدون - على الرغم من أشعريته - في إيضاح هذه القضية والمجرى الذي شقه المعتزلة بين الكلام والفلسفة.
Shafi da ba'a sani ba