Tarihin Kimiyya a Wajen Larabawa
بحوث في تاريخ العلوم عند العرب
Nau'ikan
الذي تعلم العربية، فأحدث القفزة الكبرى للعلم الأوروبي بنقل الأعداد الهندية ثم الجبر الإسلامي. لقد استقدم الخليفة المنصور العالم الهندي كنكة، وأمر بترجمة «مقالة الأفلاك» أو «السدهانت» التي وضعها «براهما جويت» وعرفها العرب باسم «السندهند» وعرفوا معها أصول الرياضيات، لتبدأ في بغداد مرحلة هامة من تاريخ الرياضيات، وبفعل عوامل عديدة - بينتها تفصيلا في بحث سابق لي
17 - عوامل بعضها يعود إلى طبيعة حركة العلم آنذاك، وبعضها يعود إلى طبيعة الحضارة الإسلامية وخصوصياتها، وطبيعة العقلية العربية الناهضة المتوثبة آنذاك، شهدت بغداد نهضة عظمى في الرياضيات واهتماما متزايدا بها وإضافات جمة لها، وجحافل من عمالقتها نخص منهم بالذكر: الخوارزمي، ثم نصير الدين الطوسي، وإن كان وضع علم الجبر بعدا واحدا من أبعاد هذه المرحلة، وانتصاب هيكل أصول الهندسة لإقليدس في بغداد - كما سبق أن أوضحنا - هو الآخر من أهم أبعاد هذه المرحلة الدافقة الخلاقة.
وكان من الضروري أن تنتقل تأثيرات الحضارة الإسلامية والميراث العربي إلى أوروبا لتبدأ الحلقة التالية في صيرورة التقدم ... تبدأ مرحلة النهضة، ثم مرحلة حضارية جديدة ... أو حديثة، تتيه على سائر المراحل بنشأة نسق العلم الحديث، الذي تعملق لما تسلح بالرياضيات، وطبيعي أن الرياضيات التي توهجت في بغداد كانت مقدمة ضرورية لهذا، وقد انتقلت إلى أوروبا بفعل عوامل عديدة، لعل أقواها الحملات الصليبية، وعبر مراكز عديدة، منها: صقلية وجنوب إيطاليا. لكن الأندلس كانت حالة فريدة في تاريخ الإسلام «لأنها الحالة الوحيدة التي تمثل قيام حضارة متمايزة هي مزيج من ثقافة الإسلام والثقافة الوطنية التقليدية الأصيلة، وازدهار تلك الحضارات ازدهارا هائلا، بحيث تركت بصماتها على كل التاريخ الإسلامي، بل والعالمي.»
18
فقد قامت الأندلس بالدور الأكبر والباع الأعظم في نقل التراث والعلوم العربية، يهمنا منها الآن نقل الرياضيات العربية. ذلك لسببين متعضونين، وهما مرة أخرى: السبب التاريخي والسبب الجغرافي، ولنتحدث أولا عن السبب التاريخي.
أجل، كان لبغداد - وبغير منازع - النصيب الأكبر من إنجازات الحضارة الإسلامية وإبداعات العقل العربي، وظلت حتى القرن العاشر مركزا لا منافس له. لكن خبا وهجها خلال سيادة الدولة البويهية (945-1055م) التي جعلت العاصمة في فارس، وراحت تشارك بغداد - من ناحية الشرق - القاهرة وشيراز وغزنة، ومن ناحية الغرب قرطبة. على الإجمال خبا وهج الحضارة وجذوة الإبداع في الشرق، قبل أن يخبو في المغرب الإسلامي الذي تتربع قرطبة على عرش العلم فيه، وكادت الأندلس أن تنفرد بالميدان في الرياضيات والمنطق والفلسفة والعلوم والطب، إبان القرن الثاني عشر - قرن ابن رشد وأديلارد الباثي - والذي أنجبت فيه الأندلس أكثر من نصف مناطقة القرن ورياضييه،
19
حتى قيل: «إن القرن الثاني عشر من نصيب إسبانيا الإسلامية.»
20
لقد أصبحت راية بغداد في الأندلس، ومركز العلم فيها قرطبة.
Shafi da ba'a sani ba