Tarihin Ilmin Adabi
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
Nau'ikan
فقال حسان: صفه يا بني.
فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة، وكأن لسعه زنبور.
فقال حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة.
فمقصود الصبي أن الطائر الذي لسعه يشبه في أجنحته وشكله المنقش العجيب الشخص الملتف برداء موشى ومصبغ، وقول حسان حجة على أن الشعر لا ينحصر في الكلام المقفى الموزون، وإنما حقيقة الشعر في المعاني والتخيل، وفيما يحدثه على النفس من التأثير، ولكن درج تعريف الشعر على الألسنة بأنه كلام مقفى موزون، وسبق لنا ذكر تعريف ابن خلدون للشعر بأنه «الكلام البليغ المبني على الاستعارة أو الأوصاف، المفصل أجزاء متفقة في الوزن والروي، مستقل كل جزء منها في غرضه ومقصده عما قبله وبعده، الجاري على أساليب العرب المخصوصة.» وعلى هذا التعريف يكون كلام المتنبي والمعري ليس من الشعر في شيء. وقال أبو الفداء عن المعري: «وطبق الأرض ذكره ... وأكثر مصنفاته ركيكة فهجرت لذلك.» والصحيح أن كلا منهما إمام مجدد في الأدب خرجا بالكلام عن تلك القيود المدرسية، وأطلقا للقريحة عنان الحرية، وكان النوع المعروف بين الأدباء هو نوع القصيد، وله أساليب معروفة عندهم تختص بمطلع القصيدة، وبيت التخلص والختام وذكر الأطلال والرسوم والراحلة والسفر، فالمعري والمتنبي خرجا عن هذه الأساليب، ولكنهما أفرطا في إيراد التشابيه الغامضة، والألفاظ اللغوية واحتاج شعرهما إلى شرح طويل وتفسير، ثم صار هو أيضا شعرا مدرسيا بسبب نسج المتأخرين على منواله، وتهافتهم على التشابيه الغامضة. وقال فيكتور هوكو في كتابه المسمى أدب وفلسفة:
لا يكفي أن يكون للشعر قالب حسن للألفاظ، بل يلزم أن يحتوي على معنى، أو تشبيه أو إحساس؛ ليكون له رائحة ولون وطعم، تسعى النحلة في بناء الواجهات الست لبيوتها من الشمع، ثم تملأها بالعسل، فهذه البيوت أو الخلايا هي أبيات الشعر، والعسل هو الشعر ا.ه.
فشبه الشعر بالشهد وهو العسل في شمعه، وبالخمر أيضا ولها أوصاف ثلاثة: رائحة تفوح منها كما يفوح المسك، وتسمى باصطلاحهم «بوكه»، ولون كأنه ياقوتة سيالة أو صفراء فاقع لونها، وطعم يعرفه أهل الذوق كما تعرف طعوم المآكل، ويميزون فيه بين الحسن والأحسن والضار والنافع والأنفع. ورأيت في أهل الذوق من رسخت لهم ملكة حتى أصبحوا يعرفون الخمر من أي كرم وقرية، ومن محصول أي سنة بمجرد معاينة أوصافها الثلاثة بالحواس الثلاث حاسة البصر، وحاسة الشم، وحاسة الذوق. وتشبيه الشعر بالخمر والعسل معروف عند العرب، ويقولون فلان من أهل الذوق في الكلام وتقول العامة «كلام بلا طعم». ومما يؤيد أن الشعر في المعاني قول أبي محمد الخازن من أدباء أصفهان، وكان ينتسب للصاحب بن عباد ويراسل أبا بكر الخوارزمي قال:
لا يحسن الشعر ما لم يسترق له
حر الكلام وتستخدم له الفكر
انظر تجد صورة الأشعار واحدة
وإنما لمعان تعشق الصور
Shafi da ba'a sani ba