Tarihin Ilmin Adabi
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
Nau'ikan
القرون الأخيرة.
وحيث كان الشعر سابقا على الاجتماع الإنسان وملازما له، فقد تقلب معه أيضا في ثلاثة أشكال: (1)
الشعر الموسيقي؛ أي الغناء
22 (ليريك). (2)
الشعر الحماسي؛ أي الحماسة (إيبيك). (3)
الشعر الدراماتيقي؛ أي الهائلة (دراماتيك).
وذلك أن الإنسان لما انتبه في القرون الابتدائية لعوالم الموجودات - وكانت قريبة عهد بالحدوث - انتبه معه الشعر، فانبهر من رؤية بدائع المخلوقات وأسكرته الدهشة حتى لم يكن أول كلامه إلا «هيللة»، وكان تفكره تجليا وجذبا وتصوره وحيا لقربه من موجد الكائنات وهو الله، فكان يناجي بقلبه ويهلل بلسانه كما يتنفس برئتيه. ولم يكن لعوده إلا ثلاثة أوتار الخالق والنفس والمخلوقات،
23
غير أن هذا السر المثلث يشمل كل ما في الوجود، وكانت الأرض مقفرة تقريبا وليس عليها من بني آدم إلا بطون وفصائل، ولم توجد بعد القبائل ولا الشعوب وكان لهم آباء لا ملوك، وكل عرق من عروق البشر متمتع ببقائه ولا معرفة لأفراده بالملكية ولا بالشريعة، ولا بالخصومة ولا بالحرب، بل الكل لكل واحد وللكل، فكان الاجتماع الإنساني شركة لا شيء فيها يضايق أفراد الإنسان، فكانوا يعيشون عيشة الرعاة والبداوة التي ابتدأ منها كل تمدن وعمران، وهذه المعيشة أوفق ما يكون لسائحات الفكر وهواجس القلب، فكانت نفس الإنسان سائحة على جناح الأهواء سابحة في بحر الخيالات وفكره أشبه بسحابة تسيرها الرياح، وتغير شكلها ووجهتها بحسب مهبها. فهذا هو الإنسان الأول، وهذا هو الشاعر الأول، فهو شاب وموسيقي، ودينه الصلاة بمعناها اللغوي فقط وهو الدعاء وشعره الغناء، فهذا الشعر وهذا الغناء الذي للقرون الابتدائية هو «سفر التكوين».
ثم زال عن الإنسانية هذا الشاب رويدا رويدا، واتسعت فيها جميع الدوائر، وصار البطن قبيلة والقبيلة شعبا وأمة، واحتشد كل مجتمع من هذا الاجتماع الإنساني العظيم حول مركز مشترك وتأسست الممالك، وحلت طبيعة العمران محل طبيعة البداوة، وتبدلت الخيام بالقصور ومحطات الرجال بالمدائن وتابوت العهد بالهيكل، وأصبح رؤساء هذه الدول المستحدثة رعاة - للمواشي - بل للشعوب والأمم، وتبدلت عصا الرعاية بصولجان الملك، ووقف كل شيء وتعين، وأخذ الدين شكلا مخصوصا وانقلبت الصلاة من المعنى اللغوي إلى المعنى المصطلح عليه عند أهل كل مذهب، وتعينت أقوالها وأفعالها بحسب ذاك المذهب، وضرب الاعتقاد نطاقه على العبادة، وعلى هذا الوجه اقتسم الكاهن والملك أبوة الشعب، وعلى هذا الوجه قامت مقام الشركة الأبوية الجمعية الثيوقراتية وهي الدولة الجامعة أحكامها بين الديانة والسياسة.
Shafi da ba'a sani ba