Tarihin Ilmin Adabi
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
Nau'ikan
19
وكان وليم تل من أشد الأبطال بأسا وأمهرهم رميا بالنبل، فغضب عليه الوالي وأحضره بين يديه وحكم عليه بوضع تفاحة على رأس ولده، وفلذة كبده ورميها بالقوس والنشاب، ففعل ذلك وقلبه يتميز من الغيظ وأصاب الهدف بعد أن كان الخطاء أقرب إليه من الصواب، فصور الشاعر هذه القصة التاريخية ، وبين فيها عوامل الاستبداد وعدم صبر النفس الأبية على الظلم والجور والاستعباد، وكان شيلر يلقب بشاعر النساء والشبان لتأثير أقواله فيهم أكثر من تأثيرها في المتأدبين من الرجال المائلين إلى التعمل والتصنع في الكلام وإلى الإنشاء العالي الطبقة؛ لأن كلامه كان سهلا بسيطا خاليا مما في الطريقة المدرسية من أصول الصك والسبك، ومن أنواع البديع والاستعارات، وفيه كثير من الألفاظ العامية والتراكيب المتداولة، ولكنه كان على السامع أشد تأثيرا وأخذا بمجامع القلوب.
فبعد أن كان الألمان في الأدب عيالا على الفرنساويين وليس عندهم من المؤلفات الأدبية إلا ما هو ترجمة، أو تقليد لما حرر بالفرنساوية على نهج الطريقة المدرسية صاروا أئمة في الأدب يقتدى بهم وينسج على منوالهم، واشتهرت الطريقة التي سلكها كوته، وشيلر، وليستغ ومن اقتفى أثرهم بالطريقة الرومانية نسبة للغة رومان - وهي اللاتينية الدارجة التي جاء بها جنود الرومانيين وموظفوهم إلى بلاد الغولوا، والسلت؛ أي لفرنسا فتحرفت فيها وامتزجت بلسان الفرانك، وانقلبت إلى اللغة الفرنساوية الحالية. فكلمة رومان كانت تطلق في القرون الوسطى على ما دون بلسان رومان من فني المنظوم والمنثور، وذلك مثل يمين ستراسبورغ وهو أقدم الأبنية في لسان رومان، ومثل رومان رولان ويقال لها أيضا: أغاني رولان ورومان أرثور، ورومان المائدة المستديرة، ورومان الثعلب، ورومان السيد وكثير غير ذلك فكانت المحررات الرومانية؛ أي المدونة بلغة رومان تعتبر من التآليف الجاهلية بالنسبة للمحررات اللاتينية، وهي ما حرر باللغة اللاتينية من التواريخ المقدسة وسير الصالحين، والقديسين، والصلوات الدينية، فاللسان اللاتيني كان إذ ذاك لسان المدارس والكنائس والمعول عليه في العلم والدين، وكان في سبكه تصنع وتعمل ومراعاة لقواعد الغراماطيقي والعروض وبقية علوم الآلات المدرسية، ويبلغون علوم الآلات في العربية إلى اثني عشر علما كما لا يخفى.
فلغة رومان لم يكن فيها شيء من ذلك بل كانت على فطرتها الطبيعية، وليس في سبك عباراتها أدنى تصنع ولا تهذيب، فلما اختار أدباء الألمان مواضيع رواياتهم من رومان القرون الوسطى، ورجحوه على مؤلفات اللاتين واليونان سميت طريق أدبهم بالطريقة الرومانية ، وأطلقت كلمة «رومانتيك» الفرنساوية على الأدب المستحدث تسمية له باسم أجنبي، كما أطلقت كلمة «فرانك» الجرمانية على قبائل الغولوا والسلت، وقيل لهم فرنساويون.
فطريقة رومانتيك المنسوبة لفيكتور هوكو تولدت في ألمانيا، واشتهرت برقابتها للطريقة المدرسية، وبميلها لإظهار قريحة القرون الوسطى، وتصوير أخلاق أهلها وعوائدهم وحماسة فرسانها وصلابتهم في الدين، وتعصبهم للمذهب وتهورهم في المسائل، ومبالغتهم في الأخبار، وتصديقهم بالخرافات والخزعبلات، وأراد أهل الطريقة الرومانية الفوز على أهل الطريقة المدرسية - لا بانتقاء الألفاظ، وسبك العبارات وانسجام المعاني ومراعاة القواعد - بل بالإتيان بكل ما يحدث انفعالا في النفس، ويفتح مجالا للتصور والخيال؛ ولذا عمدوا إلى القصص الدارجة على الألسن والمنقولة عن الأسلاف والجدود، ووضعوها في قالب شعري وألفوا بها رواياتهم، وأهملوا أساطير القرون الأولى من الإسرائيليات، والخرافات اليونانية والرومانية، وجاء الفيلسوف الألماني هكل وفسر تفسيرا فلسفيا حقيقة الطريقة الرومانية، وهو يبحث في الصور المختلفة التي تغلب فيها العقل البشري، فوجد فيها ثلاث طرق في صناعة الأدب منذ نشأته الأولى إلى زمانه وهي: (1)
الطريقة الرمزية (سيمبوليك). (2)
الطريقة المدرسية. (3)
الطريقة الرومانية كما سنذكره.
ويظهر الفرق بين الطريقة المدرسية، والطريقة الرومانية لكل مدقق حضر تمثيل رواية مؤلفة على نهج الطريقة المدرسية مثل مؤلفات راسين، ومنها رواية «أندروماق» اليونانية، و«أستير» و«أتالي» الإسرائيليتين، ومثل مؤلفات قورنيل، ومنها «هوراس» وهي رواية الإخوة الثلاثة الرومانيين، ثم حضر في مراسح الأستانة وأزمير أو مراسح مصر، وأوروبا تمثيل رواية فوست مثلا. فأول ما يشاهد عند رفع الستار شيخ عليه الهيبة والوقار جالس على كرسي في غرفة المطالعة، وأمامه مائدة تراكمت فوقها الكتب، والدفاتر، والأقلام، والمحابر وهو يفكر فيما يكون إليه المرجع والمآب، ويقلب على ضوء السراج أوراق الكتاب الذي خط فيه جابر ومسلمة علوم السحر والكيمياء، ويتلهف على أيام الشباب وزمن التصابي، ويقول:
إذا كان علم الناس ليس بنافع
Shafi da ba'a sani ba