ودمنة موضوعة للخبرة والتجربة، وهي مفيدة ومقبولة بصورة عامة.
حكاية: حضر في زماننا نديم مجلس وزير اختاره لمجالسته ومنادمته، وكان الوزير بخيلا، ممسكا، جعد اليدين، فجرى في ذلك المجلس حديث سماحة وسخاء البرامكة رحمهم الله، ولما كان ذلك الوزير يجد تلك الحكايات مخالفة لطبيعته وعاداته «الحر يعطي، والعبد يألم قلبه» «1» :
وغيظ البخيل على من يجو ... دأعجب عندي من بخله «2»
[17] لذلك ظن أن تلك الحكايات مستحيلة وموضوعة؛ فما أكثر الناس الذين يفتقرون لصفة ما في أنفسهم، فيتوهمون عدم وجودها في غيرهم:
والأرض لولا الغذاء واحدة ... والناس لولا الفعال أشكال «3»
فقال ذلك الوزير: إن حكايات البرامكة هذه موضوعات ومفتريات، فقال النديم: أطال الله في حياة الأمير ولي النعم في سعادة، وجعل ملكه نافذا في الموالي والأعيان، إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يفتروا أمثال هذه الحكايات الموضوعات والكرم المكذوب على سيدنا الوزير؟ ألا يعني هذا انعدام ذلك هنا، ووجوده هناك؟ «4»
الناس أكيس من أن يمدحوا رجلا ... حتى يروا عنده آثار إحسان
فائدة أخرى: عادة ما يبتلى الملوك والأمراء بحفظ مصالح الملك، وتغرق أفكارهم في تلك المعاني، ويمكنهم الاستراحة من تحمل أعباء الملك بالتدبر وسماع التواريخ، لأن خواطرهم وضمائرهم تصاب بالكلل والفتور والتعب والنصب الكثير،
Shafi 107