259

============================================================

ذكر سليمان عليه السلام له من دينه وجنبهم الكفر وعلى قراءة من قرا بالتشديد فمعناه فصذهم عن السبيل ثم إن سليمان قال: ألا يسجدوا لله وما بالهم يسجدون للشمس إنكارا لفعلهم، ثم إنه قال للهدهد سنتظر أصدقت} [النمل: الآية 27] فيما أخبرتني به أم اخترعت خبرا من نفسك كذبا لتنجو به من عقوبتي قال شيخنا: وهكذا ينبغي للملك أن لا يعجل بقبول ما ينتهي إليه حتى يبحث عنه ويتعرف صدقه وكذبه قال وهب: ثم إن سليمان قال للهدهد ابغ لنا ماة فطلب فأصابه تحت قائمة سرير سليمان فأمر سليمان بالجن والشياطين باستخراج الماء فكشطوا الأرض عن الماء وكذلك كانوا يكشطون الأرض كما يكشط الجلد عن اللحم فأخرجوا ماء معينا فرأوا عسكر سليمان، روى سعيد بن جير آن ذلك الماء بعد ظاهر اليوم والله أعلم قال ثم إن سليمان دعا بالكاتب وأمر بكتب الكتاب إلى بلقيس اكتب إليها {إنه من سلئين وإنه بسو الله الرحسن التحيو) (النمل : الآية 30] نبي الله وخليفته على الإنس والجن إلى بلقيس ملكة سبأ أما بعد فإذا قرأتم كتابي هذا فعليكم ألا تعلوا على وأتونى مشلمين [النمل : الآية 31] أي مؤمنين ويقال خاضعين منقادين لي فإن كنتم من الإنس فقد بعثت لكم رسولا وإن كنتم من الجن فقد أمرتكم بالتسخير والطاعة لي ثم إنه ختم الكتاب ودفعه إلى الهدهد وقال: أذهب يكتبى كذا فألقه إليهم} [النمل: الآية 28] أي إلى بلقيس وملثها ثم تول عنهم} [النمل: الآية 28] أي تأخر عنهم إلى موضع تراهم وتسمع قولهم فانظر ماذا يرجعون [النمل: الآية 28] من الجواب وقال بعض الناس: إنه مقدم ومؤخر أي فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم إلينا فانطلق الهدهد بالكتاب حتى أتى مدينة سبا(1) إلى قصر بلقيس وكانت قد دخلت للمقايلة سابع بيت من بيوتها ورقدت على فراشها فدخل الهدهد عليها من كوة البيت ثم ألقى الكتاب عندها فلم تنتبه فح الهدهد وجهها بجناحه حتى انتبهت ويقال إنه نقر صدرها بمنقاره فانتبهت فلما رأت الهدهد يترفرف على رأسها فجلست ورفعت الكتاب وعلمت أن الطائر هو الذي جاء به ففكت خاتم الكتاب وكانت كاتبة فقرأت ما فيه وقالت في نفسها: إن كاتب هذا الكتاب لملك عظيم مطاع أن يكون رسوله الطير ثم إنها حملت الكتاب وخرجت إلى مجلسها الذي كانت تجلس فيه للناس وبعثت وجمعت ملوك حمير فقالت: { يكائها الملؤا اني القى إلى كته كري} (اليمل: الآية 29] قال بعض الناس إنما سمته لأنه كان مختوما ويقال: كان خاتمه من ذهب ويقال سمته كريما لأن رسوله وحامله طائر ويقال: لأنه كان مبدأه بسم الله الرحمن الزحيم، ويقال لأنه فيه كلام لطيف رقيق لا عنف فيه ثم قالت: (1) سبأ: بفتح آوله وثاتيه، وهمزة آخره وقصره، أرض باليمن مدينتها مأرب، ياقوت الحموي، معجم البلدان 181/3.

Shafi 259