255

============================================================

ذكر سليمان عليه الشلام 17) وقوله: { ولسلين الريح غدوها شهر وتواحها شهر (سبا: الآية 12) إن الله تعالى كان قد سخر هذه الأشياء كلها لسليمان وكان قد أمر الجن والشياطين حتى يسحبوا له بساطا عظيما على قدر عسكره ويقال فرسخا في فرسخ ثم إذا أراد المسير إلى ناحية أمر فوضع سريره على البساط وحف بالكرسي كما وصفنا وحفت به الجن والإنس والوحوش كما ذكرنا وأظلته الطير ثم أمر الريح فتحمله وتذهب به حيث شاء قال الله تعالى: تجرى يأمرو يخلة حيث أصاب (ص: الآية 36) وذلك أن الريح مع قوتها التي تحمل عساكر سليمان كلها بين السماء والأرض كانت تمز بالزرع فلا تحركه وقوله ( حمث أماب} [ص: الآية 36] أي أراد وكان غدوها شهر ورواحها شه لسبا: الآية 12] وذلك أن سليمان كان يغدو من الشام فيتغدى باصطخر (1) فارس ويقيل هنالك ثم يروح مما هنالك فيمسي بكابل (2) ويتعشى هنالك ويبيت ثم يغدو من الغد من كابل فيقيل باصطخر ثم يروح منها فيمسي ببيت المقدس وبين كل واحد من منازله الأخر مسيرة شهر، وقد اختلف الناس في مملكة سليمان فقال بعض الناس: إنه ملك الأرض كلها، قالوا: وقد روي أنه ملك الأرض كلها مؤمنان وكافران فالمؤمنان سليمان وذو القرنين، والكافران نمرود وبخت نصر وقال آخرون بل كان ملكه بالشام فقط وقال ملك فارس في وقته منوجهر قد وهب له اصطخر فارس ووهب له ملك الهند كابل فكان يخرج إلى الناحيتين للنزهة ولذلك وقعت آنية الشياطين وتمائيلهم بهاتين البلدين أعني اصطخر وكابل، وهذا القول أولى وعليه أكثر أهل التواريخ ويدل على ذلك أنه لم يملك اليمن مع قرب اليمن من الشام إلا بعدما أعطته بلقيس وآمنت به وكان لا يعرف تلك المملكة حتى قال له الهدهد وجئتك من سكل بتبل يقين [النمل: الآية 22] وكان من المعجزات التي أعطاه الله تعالى لسليمان مما ذكرنا من تسخير الأشياء له أن علمه (منطق الطير) وسائر الحيوانات وقال يكأيها الناس علمنا منطق الطير) [النمل: الآية 16] وقال: فنبسه ضاحكا من قولها} [الثمل: الآية 19] أي قول النملة ومن معجزاته أن أسال له عين القطر وهو النحاس قال قوم لم يكن النحاس ما أراد وقيل كان النحاس في أيدي الناس كما هو اليوم إلا أن الله أخرج له عينا من النحاس الجاري مثل الماء فلا يحتاج الى وإذابته بالنار، ومما أخبر الله من قصته قوله عز وجل: (حقا إذا أتوأ على واد النمل قالت نملة يكأيها التمل انخلوا مسكنكم) [النمل: الآبة 18] قال وقد روي أن سليمان ركب يوما مركب الريح كما ذكرناه فمر برجل فقال الرجل لما نظر (1) اصطخر: بالكسر، وسكون الخاء المعجمة، بلد بفارس، من آعيان حصون فارس ومدنها، ياقوت الحموي، معجم البلدان 1/ 211.

(2) كابل: بضم الباء الموحدة، ولام، وكابل بين الهند ونواحي سجستان، ياقوت الحموي، معجم البلدان 426/4.

Shafi 255