237

============================================================

ذكر داود عليه السلام وحذرته طالوت ثم إنها عمدت إلى زق خمر على قدر قامة داود فأضجعته على سرير داود وغطته بثياب داود، وقالت لداود: كنت أنت في البيت مستخفيا ثم جاءت إلى آبيها فقالت: قد سقيت لداود خمرا كثيرا وكانت الخمر حلالا لهم وقد نام داود على سريره سكران فشأنك بما تريد فجاء طالوت بالسيف وضرب الزق يظته داود فانتضح عليه من الخمر، فقال: رحم الله تعالى داود قد كان كثير شرب الخمر فظن آنه قتل داود، ثم اختلف الرواة ههنا فقال بعضهم: إنه لما فعل ذلك ندم على فعله وبكى ثم أهوى بسيفه إلى نفسه فاحتضنته ابنته فقال: ما تريد يا أبت قال: ندمت على فعلي وأعلم أن الله تعالى قد غضب علي وأعرف أن بني لا يرضون عني وأنهم يقتلونني بداود وأنا أقتل نفسي بيدي وعسى أن يكفر الله تعالى ذنبي فقالت: يا أبت أفيسرك أنك لم تقتله قال: نعم، قالت: إنك ما قتلته ونادت داود فخرج إلى طالوت، وقال: أنا أعلم أن الشيطان قد زين لك هذا وقد عفوت عنك فشأنك وربك، وقال بعض الرواة لا بل ظن أنه قتل داود وانصرف فلما كانت الليلة القابلة جاء داود وهو على فراشه فوضع سهما من سهامه عند رجليه وسهما عند يمينه وسهما عند شماله فوضعهم وذهب فلما آصبح طالوت ورأى السهام فعرفها وقال رحم الله تعالى داود أنه أكرم متي وخير مني ظفرت به فقتلته وأن الله تعالى أحياه فأظفره الله تعالى بي فلم يقتلني وظن أن الله تعالى أحيا داود وكان داود بعد ذلك يطوف في البلاد مستخفيا من طالوت وأظهر طالوت للناس أن داود قد مات فلما كان بعد أيام ركب طالوت يوما فخرج إلى الصحراء فرأى داود، فحمل عليه وعرف آله لم يقتله وأحياه الله تعالى فهرب منه داود ولم يلحقه طالوت ثم إن داود انطلق إلى مدينة بعيدة من طالوت فسكنها إلى أن مات طالوت وطلب بنو إسرائيل داود فردوه إلى موضعه وملكوه عليهم بأمر الله تعالى وآتاه الله الملك والحكمة، وفي رواية أخرى أن طالوت لما فعل ما فعل وظن أنه قتل داود كما ذكرناه وخرج إليه داود وعفا عنه، وقال له: شأنك ورتك فطلب طالوت التوبة من صنيعه فكانت في بني إسرائيل عجوزة كبيرة مستجابة الدعاء وكان عندها اسم الله الأكبر فأتاها طالوت وقال لها أذنبت ذنبا كبيرا فادعي الله تعالى لي فرأت العجوزة في المنام أنه لا توبة لطالوت إلا عند قبر اليسع فذكرت ذلك لطالوت فسألها طالوت أن تخرج معه إلى قبر اليسع وتدعو الله تعالى فجاءت معه إلى قبر اليسع ودعت الله تعالى فأحيا الله تعالى اليسع فخرج من قبره وقال لطالوت: ما شأنك فأخبر اليسع بخطيئته وأنه يريد التوبة فقال له اليسع إن توبتك أن تجاهد بنفسك ومالك وأهل بيتك حتى لا يبقى منكم أحد ورجع اليسع إلى مضجعه وفعل طالوت ما آمره اليسع به ولما قتل طالوت اجتمعت بنو إسرائيل على داود وملكه الله تعالى عليهم فذلك قوله تعالى: وهاتله الله الملك وللمكمة} [البقرة: الآية 251] وفي رواية أنه لما ندم طالوت على ما

Shafi 237