Tarikh al-Arab wa Hadaratihim fi al-Andalus
تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس
Mai Buga Littafi
دار الكتاب الجديد المتحدة - بيروت
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
٢٠٠٠ م
Inda aka buga
لبنان
Nau'ikan
[تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس]
المؤلف: د خليل إبراهيم السامرائي - د عبد الواحد ذنون طه - د ناطق صالح مصلوب
الناشر: دار الكتاب الجديد المتحدة - بيروت، لبنان
الطبعة: الأولى، ٢٠٠٠ م
عدد الأجزاء: ١
أعده للشاملة/ مهاجي جمال
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو مذيل بالحواشي]
Shafi da ba'a sani ba
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مُقَدِّمَة
تعد مادة التاريخ الأندلسي من المواد المهمة في مناهج أقسام التاريخ، لما لها من علاقة وثيقة بتراث العرب وحضارتهم في الأندلس، حيث وصلوا إلى قمة تفوقهم العسكري والسياسي والحضاري. ولهدا فقد كان من الضروري أن يتوفر بين أيدي طلبتنا الأعزاء هذا الكتاب المنهجي. الذي يمثل الحد الأدنى لما يجب أن يطلعوا عليه لدراسة هذا التاريخ المجيد.
يتألف الكتاب من خمسة أبواب، تنقسم إلى فصول عديدة. وقد قام المؤلفون بتأليف حصصهم من هذا الكتاب على النحو الآتي:
كتب الدكتور عبد الواحد ذنون طه الباب الأول، الذي يتضمن فتح العرب لإسبانيا واستقرارهم فيها، ويتألف من أربعة فصول. كما كتب أيضًا الباب الثاني وهو عن عهد الإمارة في الأندلس، ويشمل ثلاثة فصول.
وقام الدكتور ناطق صالح مطلوب بكتابة الباب الثالث، وهو عن عهد الخلافة في الأندلس، ويتألف من أربعة فصول. وكتب أيضًا الفصلين الأول والثاني من الباب الرابع عن سقوط الخلافة في الأندلس وعصر الدويلات وملوك الطوائف.
وكتب الدكتور خليل إبراهيم صالح السامرائي، الفصل الثالث والرابع والخامس من الباب الرابع. وهذه الفصول تتحدث عن المرابطين والموحدين في الأندلس، ومملكة غرناطة، والمسلمين بعد سقوط غرناطة. كما كتب أيضًا الباب الخامس، وهو عن ْحضارة العرب في الأندلس، ويتألف من ثلاثة فصول.
نرجو أن نكون قد وفقنا في عملنا هذا والله من وراء القصد.
المؤلفون.
1 / 7
البَابُ الأَوَّل
فتح العرب لإسبانيا واستقرارهم فيها
الفصل الأول: مقدمة فى الأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إسبانيا قبيل الفتح العربي.
الفصل الثاني: فتح العرب، دوافعه وممهداته.
الفصل الثالث: النشاط الحربي للعرب فى شمال إسبانيا والتوغل في فرنسا.
الفصل الرابع: استقرار العرب واستيطانهم.
الدكتور
عبد الواحد ذنون طه
1 / 9
الفَصْلُ الأَوَّل
مقدمة في الأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إسبانيا قبيل الفتح العربي
عرف شبه الجزيرة الايبيربة، أي إسبانيا والبرتغال، في الأزمان القديمة بـ (ايبارية)، وعندما جاء الرومان أطلقوا عليه اسم (Hispania)، ومن هنا جاء اللفظ العربي (اشبانية) أو (اصبانية) (١). وقد تحول هذا اللفظ في لغة القرون الوسطى الرومانسية إلى (Espana) (٢) . أما مصطلح (الأندلس)، الذي يشمل المناطق التي حكمها العرب والمسلمون من شبه الجزيرة، فقد اشتقه الجغرافيون والمؤرخون العرب من الكلمات الآتية: الأندليش أو الأندلش أو الأندلس، وهي الأسماء التي سُمي بها الوندال، الذين سيطروا على أجزاء من شبه الجزيرة الآيبيرية، في الفترة من ٤٠٨ - ٤٢٩ م (٣).
إن إسبانيا بلاد جبلية تضم وديانًا وأحواضًا نهرية عظيمة، من أمثال، نهر الأبرو Ebro، ونهر المنهو Minho، نهر دويرة Douro، ونهر تاجة Tajo، ووادي آنة Guadiana، والوادي الكبير Guadalquivir. وتحتل الميزيتا (Meseta)، التي تعني بالاسبانية النجد أو السهل المرتفع الواسع، معظم شبه الجزيرة الآيبيرية، ولكن تجمعات السكان الكبيرة، كانت دائمًا مركزة قرب الشواطئ ووديان الأنهار الكبيرة. وكانت المدن الداخلية الرئيسة في العهد الروماني، سرقسطة Zaragoza، وطليطلة Toledo، وماردة Merida، وأشبيلية Sevilla، وقرطبة Cordoba، حصونا على الأنهار، وقد استمرت
_________
(١) البكري، جغرافية الأندلس وأوروبا من كتاب المسالك والممالك، تحقيق: عبد الرحمن علي الحجي، بيروت، ١٩٦٨، ص ٥٧ - ٥٨؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، بيروت ١٩٦٥ - ١٩٦٦، ج ٤، ص ٥٥٦.
(٢) J. F. O' Callaghan، A History of Medieval Spain، London. ١٩٧٥. p. ٢٠
(٣) البكري، المصدر السابق، ص ٥٩؛ ابن الأثير، ج ٤، ص ٥٥٦؛ ابن عذاري، البيان المغرب، نشر: كولان وليفي بروفنسال، ليدن، ١٩٤٨، ج ٢، ص ٢.
1 / 11
هذه المدن في أهميتها في العهد القوطي، والعهود العربية الإسلامية اللاحقة.
اشتهرت إسبانيا منذ القدم بثروتها المعدنية، وإنتاجها الزراعي، وتجارتها المزدهرة.
ولقد كانت هذه العوامل من الدوافع المغرية التي أدت إلى حدوث سلسلة من الهجرات والغزوات الأجنبية للبلاد. ويشكل الآيبيريون Iberians، الذين جاؤوا من افريقية، أساس جنس البحر المتوسط من السكان. ولقد عبر الكلت Celts، والأقوام الهندو - أوروبية Indo-European، جبال ألبرت Pyrenees، واستوطنوا في الأجزاء الشمالية والغربية من شبه الجزيرة. كما أسس الفينيقيون مستعمرات على السواحل الشرقية والجنوبية. وأخيرًا وبعد صراع طويل من أجل السيادة والتفوق سيطر الرومان على إسبانيا، ولكنهم سرعان ما جوبهوا من قبل السكان المحليين، ولم يستطع الرومان إخضاع كل القبائل في شبه الجزيرة إلا في عهد الإمبراطور أوغسطس Augustus (٢٧ ق. م - ١٤ م) (٤). وقد أشار سترابو Strabo، المؤرخ اليوناني في القرن الأول قبل الميلاد، إلى بعض القبائل التي استوطنت شبه الجزيرة، من مثال الغاليسيين، والكانبتريانيين، والباسك، واللشدانيين، وغيرهم، ومع هذا، ففي بداية التاريخ الميلادي المسيحي، اصطبغ الكثير من هؤلاء السكان بالصبغة الرومانية (٥).
وبرغم سيادة الرومان على إسبانيا لفترة طويلة، فإن الظواهر الحقيقية لانحطاط سلطتهم فيها بدت بوضوح منذ بداية القرن الخامس الميلادي، وذلك عندما ابتدأت القبائل الجرمانية البربرية بالاستيطان في شبه الجزيرة. ويصف سانت ازيدور الأشبيلي Saint Isidore of Seville، المتوفى عام ٦٣٦ م، استيطان الوندال Vandals، والآلان Alani، والسويفي Suevi، في إسبانيا عام ٤٠٨ م على أنه احتلال مدمر، أدى إلى نشر الخراب في كل أنحاء البلاد (٦).
ونتيجة للحروب الكثيرة التي قامت بين هذه القبائل الجرمانية وبين القوط الغربيين، الذين كانوا يسكنون في تلك الفترة في غالة Gaul جنوب فرنسا، تحطمت قوة الآلان،
_________
(٤) O'Callaghan، op. cit.، p. ٢٧
(٥) R. Altamira، A History of Spain، Translated from the Spanish by: Muna Lee،
Toronto، Cadada، ١٩٤٩. pp. ٣٢-٣٤
(٦) Isidoro of Seville، History of Goths، Vandals، and Suevi، translated from the Latin
by Guido Donini and Gordon B. Ford Jr. Leiden، ١٩٧٠، p. ٣٣.
1 / 12
والوندال الذين اضطروا إلى العبور إلى شمال افريقية في عام ٤٢٩ م (٧). ثم تمكن القوط أخيرًا من السيطرة على إسبانيا والتغلب على مملكة السويفي التي كانت ما تزال موجودة في الشمال الغربي من البلاد، وذلك في عهد الملك ليوفيخلد Leovigild (٥٦٨ - ٥٨٦ م) (٨).
مملكة القوط الغربيين فى إسبانيا:
كانت مملكة القوط الغربيين هي الأخيرة في سلسلة ممالك البرابرة التي خلفت الإمبراطورية الرومانية، وذلك بعد أن انتهت هذه الأخيرة ككيان سياسي، واختفت من مسرح التاريخ. ولقد تمت عملية استيطان القوط الغربيين في إسبانيا في أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس للميلاد. وكانوا يمثلون أقلية صغيرة فقط ضمن السكان الأصليين. ولا تتوفر معلومات إحصائية عنهم في هذا العصر، ومع هذا، فقد قدّر أحد المؤرخين المحدثين، أن نحوًا من مئتي ألف إلى أربعمئة ألف من القوط استوطنوا بين كل ستة إلى تسعة ملايين من السكان الاسبان - الرومان Hispano-Romans (٩) . ولقد استوطن القوط في مناطق الأرياف والمدن على حد سواء. ولكن حتى في المدن، كان السكان الاسبان - الرومان يتغلبون عليهم بنسبة ثلاثة إلى واحد، ومما لا شك فيه، أن الفرق في النسبة كان أكبر في مناطق الأرياف (١٠).
نظام الحكم القوطي:
كان نظام الحكم القوطي ملكيًا قائمًا على مبدأ الانتخاب، حيث ينتخب الملك من قبل النبلاء ورجال الدين. وقد حاول العديد من الملوك أن يقيموا نظامًا ملكيًا ثابتًا يعتمد على نظام الوراثة، ولكن محاولاتهم باءت بالفشل. وكان يفترض بالملك أن يكون من أصل قوطي نبيل ويتمتع بأخلاق حسنة، ويختار من بين النبلاء، ولكن العادة جرت أن يتولى العرش أقوى هؤلاء بحد السيف. وكان الملك هو الرئيس الأعلى للجيش،
_________
(٧) Ibid.، pp. ٣٤-٣٥; H. V. Livermore، The Origins of Spain and Portugal، London، ١٩٧١،
pp. ٨٦-٨٨.
(٨) Isidoro، op. cit.، pp. ٣٩-٤٢; Livermore، op. cit.، p. ٩٢.
(٩) O' Callaghan، op. cit.، pp. ٣٧، ٧٠-٧١.
(١٠) R. Shaw، "The fall of the Visgothic power in Spain"، The English Historical Review،
XXI، ١٩٠٦، p. ٢١١.
1 / 13
ويتمتع بحق تعيين وعزل الأساقفة عن مناصبهم الدينية، ويحكم مستبدًا، يتصرف في أمور البلاد كما يشاء. وكان للملك مجلس من النبلاء لمساعدته في الحكم، لكن الملوك استبدوا بالأمور ولم يعد لهذا المجلس من أثر في السلطة، فكان الملوك يصدرون القوانين وينفذونها ويقضون في الأمور كما يريدون (١١).
وكانت مجالس كنيسة طليطلة هي القوة الكبرى في الحياة السياسية والدينية في العهد القوطي. وهذه المجالس كانت بمثابة جمعيات وطنية لمملكة القوط الغربيين تجتمع بين الحين والحين للنظر في مسائل الدولة الكبرى. وكان أصل مجلس طليطلة دينيًا يتألف من كبار رجال الدين الكاثوليك ويعقد للنظر في أمور كنيستهم ورعاياها.
ولكن بعد اعتناق القوط للكاثوليكية، أصبح هذا المجلس رسميًا يعقد بأمر من الملك، ويحضره كبار رجال الدولة، ثم تحول مع الزمن إلى مجلس سياسي وديني في آن واحد يصدر القوانين والأحكام في مختلف القضايا، ثم اتسع سلطانه، وأصبح محكمة عليا، وانضم مجلس النبلاء إلى هذا المجلس الديني، فأصبح مجلسًا أعلى للدولة (١٢). ومن الناحية النظرية كانت مجالس طليطلة قيدًا على سلطة الملك، أما من الناحية العملية فقد كانت سندًا مهمًا لسلطته وبخاصة بعد تحول القوط إلى الكاثوليكية عام ٥٨٧ م، حيث أصبحت الكنيسة في إسبانيا على علاقة وثيقة بالبلاط. وفي القرن السابع الميلادي، لم يكن بإمكان أي مجلس أن ينعقد إلا إذا أمر الملك بذلك. وكان الأساقفة عادة يناقشون ويقرون القرارات التي تتضمنها المسودة التي يقدمها الملك، ولم يهملوا في أية قضية تعليماته، ولم ينتقدوه بصورة مباشرة، بل كانوا ينفذون كل مطاليبه (١٣).
الأحوال الاجتماعية في عهد القوط:
وفيما يخص التنظيم الاجتماعي، فقد حافظ القوط على نفس التركيب الذي وجدوه قائمًا في إسبانيا أيام الرومان. وهكذا استمرت مساوئ العهد الروماني بالبقاء، وتركزت الثروة والممتلكات بيد مجموعة قليلة من الناس، وكان هناك عدم مساواة كبيرة في البنية الطبقية. فالمجتمع القوطي كان يتألف من ثلاث طبقات؛ وهم طبقة كبار ملاك
_________
(١١) انظر: حسين مؤنس، فجر الأندلس، القاهرة، ١٩٥٩، ص ٢٣.
(١٢) المرجع نفسه، ص ٢٣.
(١٣) E. A. Thompson، The Goths in Spain، Oxford، ١٩٦٩، pp. ٢٧٨، ٢٨١-٢٨٢.
1 / 14
الأراضي والنبلاء وكبار رجال الدين، والطبقة العامة، وطبقة العبيد (١٤). وكان أبناء الطبقة العامة يتألفون من الأحرار البسطاء الذين ينتمون إلى أصول قوطية ورومانية، عاشوا في المناطق الحضرية وفي الأرياف. ومن هؤلاء أيضًا، العمال في المدن والذين كانوا ينتظمون ضمن أصناف ونقابات، ولا يحق لهم التحول عنها أو الانتقال إلى مدينة أخرى، ومن يهرب منهم كان يُجبر على العودة إلى مدينته الأصلية. وكانوا محرومين من الانتظام في سلك رجال الدين، أو أن يصبحوا موظفين قضائيين (١٥). وبالنسبة إلى سكان الأرياف، فقد اضطر العديد منهم، نظرًا لظروفهم الاقتصادية الصعبة، إلى تسليم أراضيهم إلى كبار النبلاء، ورضوا بالعمل والبقاء فيها كمستأجرين لقاء تمتعهم بحماية النبلاء. ولقد أصبح هؤلاء بالتدريج مشدودين بالأرض، وارتبطت علاقاتهم بأصحاب الأملاك مدى الحياة، حتى أنهم تحولوا أخيرًا إلى ما يشبه الأقنان. وكان من جملة الالتزامات المفروضة عليهم أن يدفعوا عشر محاصيلهم إيجارًا، إضافة إلى تأدية بعض الخدمات الشخصية الأخرى للنبيل، وضريبة الرؤوس، أو الجزية Capitatio (١٦) .
وتأتي طبقة العبيد في الدرجة الدنيا من السلم الاجتماعي، ويكوّن هؤلاء الجماهير الغفيرة، ضحايا كل أنواع القهر والاضطهاد، وكانوا مملوكين لكبار النبلاء ورجال الدين، ويستخدمون للأغراض الزراعية والأعمال المنزلية على حد سواء. ويبدو من مراجعة القوانين والتشريعات القوطية أن الظروف المعاشية للعبيد المهرة الذين كانوا يعملون في المدن، كانت أفضل من نظرائهم العمال الزراعيين. وكانت الكنيسة الاسبانية تمتلك أيضًا عددًا كبيرًا من العبيد، ولكن يتضح من تشريعات مجالس الكنيسة أن هؤلاء العبيد عاشوا في ظروف سيئة للغاية. ولهذا فليس من الغريب أن حاول العديد منهم الهرب والتخلص من عبوديتهم. ويضاف إلى ذلك أن القوط، خاصة في أواخر عهدهم، ابتدأوا بتجنيد العبيد بالإكراه واستخدامهم في الجيش، مما أدى إلى تذمر هؤلاء وازدياد محاولاتهم في الهروب والنجاة. وقد اعترف الملك أخيكا Egica (٦٨٧ - ٧٠٢ م) في بداية القرن الثامن الميلادي، بأن العبيد الآبقين يختبئون في كل مكان من
_________
(١٤) انظر: فتح الأندلس، مجهول المؤلف، نشره وترجمه إلى الاسبانية دون خواكين دي كونثاليث، الجزائر، ١٨٨٩، ص ٧؛ الحميري، الروض المعطار في خبر الأقطار، نشره مع ترجمة فرنسية وتعليقات ليفي بروفنسال، القاهرة - ليدن، ١٩٣٨، ص ١٦٩ - ١٧٠.
وانظر: محمد عبد الله عنان، دولة الإسلام في الأندلس، القاهرة، ١٩٦٩، ج ١، ص ٣٠ - ٣١.
(١٥) Thompson، op. cit.، p. ١٢١.
(١٦) Ibid.، p. ١١٧; O' Callaghan، op. cit.، pp. ٧٣-٧٤.
1 / 15
البلاد، حيث لا تخلو منهم أية مدينة أو قرية أو حصن أو دار ريفية أو خان. وقد شرع قانونًا وضع بموجبه عقوبات صارمة على كل من يفشل في مطاردة العبيد الهاربين، وإلقاء القبض عليهم (١٧).
أما الطبقة العليا، أي طبقة النبلاء فكانت تتألف من أغنياء القوط الغربيين، وبقايا طبقة النبلاء الرومان. ويتميز أفراد هذه الطبقة عن الأحرار الاعتياديين بأصلهم النبيل، وامتلاكهم للمزارع والضيع الكبيرة التي تزرع من قبل المستأجرين، وبخدمتهم في المناصب العليا في القصر وفي الإدارة (١٨). وكانت البلاد حتى منتصف القرن السابع الميلادي تحكم وتدار بواسطة إدارة مشتركة من الطبقة النبيلة القوطية والرومانية. ومن المظاهر المهمة لهذا النظام، أن الطبقة النبيلة القوطية كانت مسؤولة عن السكان القوط، والطبقة النبيلة الرومانية تمارس سلطاتها على السكان الرومان، بينما كان الملك القوطي وموظفوه الكبار يقررون السياسة العامة للجميع. وكان مُلاك الأراضي الرومان والقوط، وكما هو الحال بالنسبة إلى الملك وكبار موظفيه أيضًا، يشرفون على مزارعهم بواسطة الوكلاء ومديري المال في مقاطعاتهم (١٩). وبصورة عامة فإن أفراد هذه الطبقة النبيلة كانوا أغنياء جدًا، بنوا ثروتهم على حساب الطبقات الفقيرة المعدمة الأخرى، وقد أفلح بعضهم في الاحتفاظ بثروته حتى بعد الفتح العربي الإسلامي (٢٠).
كانت المسيحية هي ديانة الغالبية العظمى من السكان. وكان الاسبان - الرومان يدينون بالمذهب الكاثوليكي، بينما كان القوط الغربيون قد اعتنقوا المذهب الآريوسي، الذي يقول بطبيعة المسيح البشرية، منذ سنة ٣٧٧ م (٢١). وقد عمل القوط الغربيون، منذ أيامهم الأولى في إسبانيا حتى تحولهم إلى الكاثوليكية في عهد ريكاريد Reccared (٥٨٦ - ٦٠١ م)، على الفصل الكامل بين السكان القوط والاسبان الرومان، فكان أبناء كل طائفة يقيمون شعائرهم بحرية تامة بمساعدة رجال الدين التابعين لملتهم، وفي كنائسهم الخاصة (٢٢). وقد تبين للملك ريكاريد أنه لا صلاح لدولة القوط في إسبانيا ما لم تتخلّ
_________
(١٧) Thompson، op. cit.، pp. ٢٦٧، ٢٦٨، ٢٧٢، ٣٠٥.
(١٨) O' Callaghan، op. cit.، p. ٧٣
(١٩) Thompson، op. cit. pp. ١١٧، ٣١٢.
(٢٠) ابن القوطية، تاريخ افتتاح الأندلس، نشره وترجمه إلى الاسبانية، خوليان رايبيرا، مدريد، ١٩٢٦، ص ٣٨ - ٤٠.
(٢١) Isidoro of Seville، op. cit.، p. ٥.
(٢٢) Thompson، op. cit.، pp. ٣١١-٣١٢
1 / 16
عن الآرية وتعتنق مذهب الغالبية من سكان البلاد. وهكذا فقد أعلن في مجمع طليطلة الديني سنة ٥٨٧ م تخليه عن الآرية واعتناقه، هو وأهل بيته، للمذهب الكاثوليكي، وتبعه في هذا الأمراء وكبار رجال المملكة (٢٣). وهكذا توحدت الكنيسة الاسبانية تحت ظل الملكية القوطية. وأعقب هذا التحول إلى الكاثوليكية اتخاذ اللغة اللاتينية لغة رسمية في البلاد، وتوثقت العلاقة بالبابوية مما شجع البابوات على بسط نفوذهم الديني والسياسي على إسبانيا. وأصبحت طليطلة أسقفية يقيم فيها أسقف كبير يمثل البابا. وقد أيد السكان الاسبان الرومان هذا الإجراء، ولم تتخل إسبانيا عن الكاثوليكية بعد هذا التاريخ. وكانت هذه الخطوة عاملًا فعالًا لامتزاج الشعبين القوطي والآيبيري الروماني، ولكن هذا الامتزاج لم يتم بشكل كامل بسبب حرص القوط على اعتبار أنفسهم الشعب الحاكم المتميز، مما كان له أثر بعيد على مصير دولة القوط في إسبانيا (٢٤).
وبالإضافة إلى المسيحيين كان ما يزال هناك عدد لا بأس به من السكان الوثنيين في شبه الجزيرة. وتشير التشريعات المتتالية الصادرة عن مجالس الكنيسة وملوك القوط إلى مدى الانتشار الواسع للوثنية، والكهانة، والعرافة، والسحر في البلاد (٢٥). وكانت هذه الممارسات قد ترسخت في معظم أرجاء إسبانيا تقريبًا، وانتعشت إلى الحد الذي دفع مجلس طليطلة الثالث (٥٨٩ م) أن يقرر بأنه يتوجب على كل أسقف بالتعاون مع القاضي المحلي أن يحقق في انتشار الوثنية في منطقته، ويعمل على مكافحتها (٢٦). وكان الباسك Basques أو البشكنس، حسبما تسميهم المصادر العربية، من جملة الجماعات الوثنية التي تعيش في منطقة الشمال الشرقي المتاخمة لجبال ألبرت. وقد فشل الأساقفة والملوك القوط في زعزعتهم عن الوثنية أو إخضاعهم طيلة العهد القوطي. ولا يعرف لحد الآن الأصل الحقيقي لهؤلاء الباسك، ولكنهم ربما كانوا من بقايا القبائل التي سكنت منطقة جبال ألبرت في عصور ما قبل التاريخ (٢٧). ولقد كان هؤلاء السكان الجبليون متمرسين على القتال والتمرد على ملوك القوط المختلفين، وظلوا مصدرًا للقلاقل والاضطرابات طيلة العهد القوطي والعهود العربية الإسلامية اللاحقة. بل إن
_________
(٢٣) ابن الأثير، جـ ٤، ص ٥٦٠؛ Isidoro of Seville، op. cit.، p. ٢٥
(٢٤) انظر: مؤنس، فجر الأندلس، ص ٩ - ١٠.
(٢٥) Thompson، op. cit.، pp. ٣٠٨-٣١٠.
(٢٦) Ibid.، p. ٥٤.
(٢٧) Altamira، op. cit.، p. ٦٩; Livemore، op. cit.، pp. ٤٠-٤٢.
1 / 17
انتفاضاتهم ومطالبتهم المستمرة من أجل الاستقلال أو على الأقل الحكم الذاتي، ما تزال تعكر صفو الحكومات الاسبانية المختلفة حتى الوقت الحاضر.
لقد شكل اليهود عنصرًا مهمًا آخر من عناصر السكان في مملكة القوط الغربيين.
ويعود تاريخ استيطانهم في شبه الجزيرة إلى زمن بعيد جدًا (٢٨). وكانوا ينتشرون في مناطق عديدة من البلاد، لكنهم تركزوا بالدرجة الأولى في المراكز الحضرية المتقدمة، مثل العاصمة طليطلة، وفي مناطق الجنوب، وعلى طول ساحل البحر المتوسط في شرق إسبانيا. وتختلف حالة اليهود الاقتصادية، وطرائقهم في الحياة في إسبانيا اختلافًا كبيرًا. فمنهم من كان يعمل بالتجارة داخل البلاد وخارجها، بينما كان الآخرون فقراء لا يمتلكون أية ممتلكات (٢٩). ويشير بعض المؤرخين إلى أن ملكية الأرض كانت الأساس الذي تقوم عليه معيشة بعض اليهود في إسبانيا، فكان هؤلاء يعيشون في قرى ويزرعون أراضيهم بأيديهم، بينما تولى آخرون الإشراف على المزارع التي يمتلكها المسيحيون.
ولكن يبدو من التشريعات الكثيرة التي تخص اليهود في إسبانيا، أن فعالياتهم التجارية، كانت مهمة بقدر أهمية نشاطهم الزراعي.
لم يكن وضع اليهود في ظل القوط الغربيين حسنًا، فقد ضُيّق عليهم وعوملوا معاملة غير جيدة من قبل ملوك القوط المختلفين. ويعد الملك سسبت Sisebut (٦١٢ - ٦٢١ م) بنظر العديد من المؤرخين، الملك القوطي الأول الذي ابتدأ بوضع القيود على اليهود (٣٠). ولكن هذا الأمر يرجع في الحقيقة إلى عهود تسبق الحقبة التي حكم فيها هذا الملك. فهناك تشريعات معادية لليهود منذ عهد الملك ألاريك الثاني Alaric II (٤٨٤ - ٥٠٧ م)، (٣١). وكذلك نصت قرارات مجلس طليطلة الثالث (٥٨٧ م) على إكراه اليهود على اعتناق المسيحية، وحرّمت على أي يهودي أن يشتري عبدًا مسيحيًا (٣٢).
ولقد ظل هذا التشريع ساريًا، وأعيد تطبيقه من قبل ملوك القوط المتعاقبين، كما أُيِّد وعُزِّز من قبل مجلس الكنيسة إلى نهاية العهد القوطي.
_________
(٢٨) S. Katz، The Jews in the Visigothic and Frankish Kingdoms of Spain and Gaul، New
York، ١٩٧٠، pp. ٣-٥.
(٢٩) Thompson، op. cit.، p. ٣١٦.
(٣٠) Isidoro of Seville، op. cit.، p. ٢٨، Katz، op. cit.، p. ١١; Livemore، op. cit.، p. ١٩٢.
(٣١) Thompson، op. cit.، p. ٥٣.
(٣٢) Ibid.، pp. ١٠١-١١١; Katz، op. cit.، p. ١١. F.
1 / 18
وجُرد اليهود من قبل الملك سسبت من العبيد والمستأجرين، ولهذا أصبح من الصعب عليهم أن يزرعوا أراضيهم، أو أن يمتلكوا المزارع الكبيرة. وفي عهد الملك ايروج Erwig (٦٨٠ - ٦٨٧ م) أبعد اليهود عن كل وظائف الدولة، وعن تولي المزارع الكبيرة. وحُرّم عليهم وعلى عبيدهم أن يعملوا في حقولهم أيام الآحاد والعطل الدينية المسيحيّة (٣٣). ولكن ذروة التضييق على النشاط الاقتصادي لليهود وصلت غايتها في عهد الملك أخيكا Egica (٦٨٧ - ٧٠٢ م)، فقد كانت تشريعاته تهدف إلى شل القدرة الاقتصادية لليهود، والحد من قابليتهم في الحصول على المعيشة. لذلك فقد أجبروا على أن يبيعوا إلى خزينة الدولة، وبسعر محدد، عبيدهم، وأية ممتلكات سبق وأن اشتروها من المسيحيين. يضاف إلى ذلك، أنهم منعوا من مزاولة التجارة على مختلف أشكالها، أو أن يتاجروا فيما وراء البحار (٣٤).
ولا تتوافر لدينا معلومات عن الدوافع الحقيقية المختفية وراء هذا التضييق، أو لماذا مُنع اليهود من ممارسة أي نوع من أنواع التجارة. ولكن من المحتمل جدًا أنه كان بسبب اختلاف عقيدتهم وتعاطيهم الربا، أو بسبب تعاليهم على أبناء الديانات الأخرى، وانغلاقهم على أنفسهم، واستغلالهم لغيرهم من الناحية الاقتصادية. وربما كان لتآمرهم السياسي أيضًا أثر كبير على تشريع بعض القوانين المعادية لهم. وقد استطاع اليهود التخلص من هذه القوانين بسبب دفعهم للرشوة إلى النبلاء ورجال الدين (٣٥). لكنهم مع هذا تأثروا إلى حد كبير، مما دفع العديد منهم إلى الالتجاء إلى شمال أفريقيا، وغالة في جنوب فرنسا، كما قام بعضهم بالاشتراك في بعض الحركات المناوئة للسلطة (٣٦). وقد تعرض اليهود في عهد الملك أخيكا إلى الاتهام بالتآمر مع يهود من خارج البلاد للعمل ضد المسيحيين في إسبانيا (٣٧). وقد يكون هذا الاتهام صحيحًا، ولكن لا تتوافر أدلة عليه سوى خطبة الملك أخيكا التي ألقاها أمام مجلس طليطلة السابع عشر (٩ تشرين الثاني سنة ٦٩٤ م) عندما أشار إلى هذه "المؤامرة" لأول مرة. ويرى بعض المؤرخين المحدثين، أن هذا الاتهام ما هو إلا محض خيال أو اختراع من قبل الملك حتى يبرر
_________
(٣٣) Ibid.، p. ١٢٤.
(٣٤) Thompson، op. cit.، p. ٢٤٦.
(٣٥) Ibid.، pp. ٢٣٦-٢٣٧; Katz، op. cit.، p. ١٢٧.
(٣٦) Shaw، op. cit.، p. ٢١٤; Thompsonn op. cit.، p. ١٦.
(٣٧) Ibid.، p. ٢٤٧; Katz، op. cit.، p. ٢١; cf. Levi-Provençal، Histoire de l'Espagne
Musulmane، vol. I. Paris، Leiden، ١٩٥٠، p. ٦.
1 / 19
إجراءاته ضد اليهود (٣٨). ولكن هناك من يعتقد بصحة هذه الحادثة، ويعدها حقيقة تاريخية، بل اعتقد بعضهم أن اليهود المقصودين بالتآمر من خارج البلاد هم من شمال أفريقيا. ومن البربر بالذات (٣٩). كما ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك -ربما بسبب تعاون اليهود فيما بعد مع المسلمين زمن الفتح- فذكروا بأن اليهود كانوا يتآمرون من أجل تسليم إسبانيا إلى العرب (٤٠). وبطبيعة الحال، لا يمكن تصديق مثل هذا الافتراض، لأن العرب في ذلك الوقت كانوا بعيدين عن إسبانيا، وكانت فتوحاتهم مركزة في المناطق المجاورة للقيروان.
إن عدم التكافل الاجتماعي الذي كان يسود في دولة القوط الغربيين، والتضييق الذي لحق باليهود، والظروف التعيسة التي كان يعيش في ظلها العبيد والعديد من أفراد الطبقة العامة، أدت إلى تفكك المجتمع وانهياره. يضاف إلى ذلك أن حالة العصيان والمؤامرات المستمرة التي كان يقوم بها النبلاء من أجل الوصول إلى العرش، أو الانسلاخ عن المملكة والحصول على الاستقلال، أنهكت البلاد، وأوصلتها إلى حالة يرثى لها من التردي والضعف. ولقد حدث قبل الفتح العربي الإسلامي لإسبانيا بسنة واحدة تقريبًا، أقوى وأقسى تنافس على السلطة في البلاد، مما زاد في حالة الضعف والتفكك، وسهل أمر القضاء على دولة القوط الغربيين.
عصر الملك غيطشة وتفرق كلمة القوط:
ابتدأت الأزمة منذ أيام الملك غيطشة Witiza (٧٠٢ - ٧١٠ م)، الذي حاول أن يصلح الأمور ويخفف من التأثير السيء الذي تركه أبوه أخيكا، فمال إلى إنصاف الناس من استبداد نبلاء القوط، وأحب في آخر أيامه أن يرفع القيود عن اليهود، فكرهه النبلاء ورجال الدين، الذين أبعدهم عن نفسه، وحرمهم من بعض امتيازاتهم، وفرق شملهم. فأخذ النبلاء يثورون عليه في نواحي البلاد المختلفة، وتآمر عليه أهله، واستطاعت زوجته أن ترغمه على تعيين ابنه الصبي وقله (أخيلا Achila) حاكمًا على طركونة
_________
(٣٨) Thompson، op. cit.، p. ٢٤٧; Y Baer، A History of the Jews in Christian Spain،
translated from the Hebrew by Louis Schoffman، Philadelphia، ١٩٧١، vol. I. p. ٢٢.
Shaw، op. cit.، p. ٢١٤.
(٣٩) إبراهيم طرفان، دولة القوط الغربيين، القاهرة، ١٩٥٨، ص ١١٩.
(٤٠) Katz، op. cit.، p. ٢١; The Cambridge Medieval History، Planned by J. B. Bury، ed.
H. M. Gwatkin and J. P. Whitney، Cambridge، ١٩٦٤، vol. II. p. ١٨.
1 / 20
وسبتمانيا. وكان هذا التعيين حافزًا للنبلاء وكبار القوط إلى مضاعفة العمل للقضاء على غيطشة ودولته. وفي هذه الأثناء توفي غيطشة في حدود سنة ٧١٠ م، والبلد منشق على نفسه مفرق بين رجال الدين وكبار النبلاء الطامعين. وكان أفراد البيت المالك أنفسهم من أكثر الناس انقسامًا. فقد ترك غيطشة أرملة، وثلاثة بنين، هم أخيلا، وألمند، وأرطباس، وأخين كان أحدهما أسقفًا لأشبيلية يدعى أبة Oppa، والآخر وصيًا على أخيلا الذي كان مرشحًا لوراثة العرش بعد أبيه. ولكن كبار القوط لم يرغبوا في الخضوع لصبي مثلا أخيلا، هذا بالإضافة إلى عدائهم لأبيه، وتخوفهم من استبداد الوصي بالحكم (٤١). فامتنعوا عن طاعة أخيلا، واستقل بعضهم في الأطراف والنواحي، وسادت حالة الفوضى والارتباك في البلاد، استطاع على أثرها كبار القوط وأعيانهم في طليطلة أن يوحدوا جهودهم ضد أخيلا وعمه الوصي عليه، وأن يعهدوا بالعرش إلى أحدهم ويدعى رودريكو أو لذريق Roderic (٤٢) .
وما يزال أصل لذريق مختلفًا فيه، فتذكر إحدى المصادر اللاتينية على أنه كان سليل بيت أحد ملوك القوط السابقين (٤٣). بينما يذكر المؤرخون العرب أنه كانا رجلًا شجاعًا، ولكنه لا ينتمي إلى بيت الملوك، وأنه كان قائدًا وفارسًا (٤٤). ونظرًا للظروف التي تولى فيها هذا الملك، فقد كان في حاجة ماسة إلى الأموال. فابتدأ حكمه بأن حاول الاستيلاء على خزائن أسلافه الملوك من كنيستي سان بيدرو San Pedro وسان بابلو San Pablo في طليطلة (٤٥).
لم تكن مشكلة لذريق الوحيدة هي الحاجة إلى المال، بل كان عليه أيضًا أن يجابه
_________
(٤١) انظر: ابن القوطية، ص ٢؛ أخبار مجموعة، (مجهول المؤلف) نشره وترجمه إلى الاسبانية، لافوينتي القنطرة، مدريد، ١٨٦٧، ص ٥؛ المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق، إحسان عباس، بيروت ١٩٦٨، ج ١، ص ٢٦٥؛ مؤنس، فجر الأندلس، ص ١٢ - ١٦.
(٤٢) Isidoro Pacense or the Chronicle of ٧٥٤.
(ملحق رقم ٢ لكتاب أخبار مجموعة)، ص ١٤٧، رقم (٣٤)؛ وانظر أيضًا: مؤنس، المرجع السابق، ص ١٦؛ عنان، دولة الإسلام في الأندلس، ج ١، ص ٣٣ - ٣٤.
(٤٣) The Chronicle of Alfonso III. ed. Manuel Gomez-Moreno. Boletin de la Real
Academia de Historia. ١٠٠. Madrid. ١٩٣٢. pp. ٦١١-٦١٢.
(٤٤) ابن القوطية، ص ٢؛ أخبار مجموعة، ص ٥؛ ابن عذاري، ج ٢ ص ٣؛ المقري، ج ١، ص ٢٤٨، ٢٥٠.
(٤٥) انظر: ابن القوطية، ص ٧؛ ابن الأثير، ج ٤، ص ٥٦٧؛ ابن عذاري، ج ٢، ص ٣؛ فتح الأندلس، ص ٢ - ٣؛ الحميري، ص ٦ - ٧؛ المقري، ج ١، ص ٢٥١.
1 / 21
انتشار الفوضى والانقسام والفساد في المملكة. وكانت الثورات، وحركات التمرد ما تزال تعكر صفو البلاد، وبشكل خاص في منطقة الباسك، وكان العبيد يهربون في كل مناطق البلاد. ويدل هذا على ضعف القوط المتأصل، وإلى الحد الذي وصل إليه تدهور قوتهم، لأن الغالبية العظمى من الجيش القوطي في أواخر القرن السابع الميلادي كانت تتألف من العبيد المجندين. ولهذا فليس من الصعب على المرء أن يتخيل مصير هذا الملك ومملكة القوط الغربيين عامة، عندما كان عليهم أن يجابهوا حماسة العرب والمسلمين المتدفقة، وكلمتهم الموحدة في سبيل نشر مبادئ الحق والعدل وتحرير الشعوب من الظلم والفساد.
1 / 22
الفَصْلُ الثَّانِي
فتح العرب لإسبانيا
أ - دوافع الفتح وممهداته:
لا يمكن الحديث عن فتح العرب لإسبانيا بمعزل عن بقية حروب التحرير التي خاضها العرب المسلمون في سبيل إعلاء كلمة الله، ونقل رسالة السماء إلى الشعوب المضطهدة التي كانت ترزح تحت نير القوى الأجنبية كالفرس والبيزنطيين. فلقد كان للعرب الذين وحّدهم الإسلام غاية نبيلة في الفتوح تمثلت أولًا في تحرير إخوانهم العرب أينما وجدوا، وثانيًا: في تحرير الشعوب الأخرى من الجهل والوثنية والتسلط الأجنبي، ثم في نشر قيم ومثل الحضارة الإنسانية التي أنارت الدرب لهذه الشعوب، وساعدت على امتزاج الثقافات، والتجارب والخبرات، خدمة للبشرية جمعاء. ولقد نجح العرب في شمال أفريقيا -كما نجحوا في غيرها من الأماكن- في كسب سكان البلاد الأصليين، أي البربر، إلى جانبهم، ولو أن ذلك تأخر لفترة من الزمن بسبب تواجد القوى الأجنبية المتمثلة بالبيزنطيين الذين كانت تربطهم علاقات مع بعض البربر الموالين لهم والذين قاوموا الفتح العربي إلى حين. ولكن عندما أدرك البربر جوهر الرسالة السامية التي يحملها العرب، وأنهم لم يأتوا من أجل مغنم أو كسب مادي، تعاونوا معهم وامتزجوا بهم، ووحد الإسلام بين الاثنين، فأصبحوا قوة كبيرة في المنطقة. واعتمد العرب اعتمادًا كبيرًا على البربر، لا سيما في عهد الوالي موسى بن نصير، حيث عهد إلى زعماء من البربر بقيادة الجيوش الإسلامية التي استمرت تؤدي رسالتها في استكمال تحرير شمال أفريقيا. وبفضل هذا التعاون الفعال استطاع العرب أن يحققوا فتح إسبانيا.
في بداية العقد الأخير من القرن الأول الهجري (في حدود سنة ٩٠هـ/ ٧٠٨ م) عهد القائد العربي موسى بن نصير إلى طارق بن زياد بتولي قيادة البربر المسلمين الذين انتظموا في صفوف الجند العربي في منطقة المغرب الأقصى، فاتخذ مدينة طنجة مقرًا له. ولقد كان حماس هؤلاء البربر إلى الجهاد ونشر مبادئ الإسلام التي جاء بها العرب كبيرًا. ونظرًا لطبيعة المنطقة الجغرافية، فلم يكن أمام طارق وجنده سوى التوجه بأنظارهم إلى شبه
1 / 23
الجزيرة الآيبيرية، ولا سيما أن مناطق الجنوب كانت صحراوية لا تشجع على التجارة إليها أو التوغل فيها. يضاف إلى ذلك، أن البربر كانوا على اتصال دائم مع السواحل الاسبانية لقربها، وكانوا أيضًا على علم تام ومعرفة أكيدة بمدى خصب شبه الجزيرة وغناها، وعن خطورة مشاكلها الاجتماعية والسياسية، التي ذكرناها آنفًا، وضعف دولة القوط الغربيين بصورة عامة. ولقد شجعت هذه العوامل العرب والمسلمين على التفكير بفتح إسبانيا، وضمها إلى حظيرة المناطق التي تم تحريرها في المشرق العربي وشمال أفريقيا. أما ما يذكره بعض المستشرقين المغرضين، وما يروجه بعض الكتاب من التلميح إلى أن الدوافع المادية، والغنائم، وحب التوسع هي التي دفعت بالعرب إلى الفتوحات، فأمر لا يؤيده الواقع (١). فلم يكن هدف العرب الكسب المادي، بل كانت لهم غاية نبيلة أهم من ذلك بكثير، وأبعد تأثيرًا، ألا وهي نقل مبادئ وقيم السماء السمحة إلى البلاد المفتوحة، والجهاد في سبيل الله من أجل تحريرها. أما الغنائم والمكاسب، فهي تحصيل حاصل، ونتيجة طبيعية من نتائج الحروب التي كانت وما تزال تقوم بين الأمم، فالغالب لا بد أن يستولي على مخلفات المغلوب، ولو أن موقف العرب من هذا أفضل بكثير من مواقف غيرهم من الشعوب، نتيجة لنظرتهم الإنسانية السامية.
لقد تطرقت المصادر التاريخية العربية إلى الأسباب التي أدت إلى الفتح العربي الإسلامي لشبه الجزيرة الآيبيرية، ولكنهم يرجحون السبب الرئيس إلى وازع الانتقام الشخصي، ويسوقون على ذلك قصة أسطورية ملخصها أن الكونت يوليان، أو جوليان Julian حاكم مدينة سبتة قد شجع العرب على الفتح انتقامًا لنفسه من لذريق ملك إسبانيا الذي اعتدى على شرف ابنته. وتروي القصة أنه كانت لجوليان ابنة جميلة، أرسلها جريًا على عادة الأشراف في ذلك الوقت إلى بلاط طليطلة لتتعلم وتتثقف مع بنات الملك.
وقد رآها لذريق وسحر بجمالها، ثم حاول أن ينال منها، ولكنها قاومته ورفضت، فلجأ إلى القوة واعتدى على شرفها برغم إرادتها. وعندما كتبت إلى أبيها بالحادث أسرع بالسفر إلى طليطلة وعاد بابنته إلى سبتة، وهو يضمر الشر والانتقام. وقد دفعه حقده هذا إلى التوجه إلى موسى بن نصير وحثه على فتح إسبانيا (٢). وتذكر روايات أخرى أنه سار
_________
(١) قارن: إبراهيم بيضون، الدولة العربية في إسبانيا، بيروت، ١٩٧٨، ص ٦٤ - ٦٥.
W. Montgomery Watt. A History of Islamic Spain، Islamic Surveys ٤، Edinburgh،
١٩٦٧. pp. ٥-٩
(٢) أخبار مجموعة، ص ٥؛ فتح الأندلس، ص ٣ - ٤؛ المقري جـ ١، ص ٢٥١ - ٢٥٣.
1 / 24
إلى طارق بن زياد، حاكم مدينة طنجة، وأعلمه برغبته في الانتقام واستعداده لمساعدة العرب في حرب القوط الغربيين (٣).
ولا نجد هذه القصة في المصادر الاسبانية المعاصرة للأحداث، ولكن بمرور الزمن انتقلت هذه القصة إلى القصص الاسباني والأغاني الشعبية الاسبانية التي تعرف باسم Romancero. ثم اختلطت هذه الروايات بالتاريخ الاسباني كما لو أنها كانت حقيقة واقعة (٤). ويختلف المؤرخون المحدثون في هذه القصة، فمنهم من يرى أنها صحيحة، ومنهم من يرى أنها من اختراع القصاص (٥). وعلى أية حال، فنحن لا نستطيع الاعتماد عليها كثيرًا في تعليل تعاون جوليان مع العرب، نظرًا للظروف السياسية التي كانت تحيط بسبتة والتي دفعته أخيرًا إلى الوقوف مع العرب في عملية الفتح.
وفي الحقيقة تتضارب الآراء بشأن شخصية جوليان حاكم سبتة فهناك من يرى أنه قوطي الأصل، وهناك من يرى أنه بيزنطي، أو بربري من قبيلة غمارة، ولكن معظم الروايات تتفق على أنه كان يحكم سبتة وما يجاورها في الوقت الذي وصل فيه العرب إلى الطرف الغربي الأقصى من شمال أفريقيا. ومن المرجح أنه كان الحاكم البيزنطي لإقليم موريطانيا الطنجية Mauretania Tingitania الذي كان تابعًا للإمبراطورية البيزنطية، ولكنه بعد تقدم العرب في شمال أفريقيا انقطعت به الأسباب عن بيزنطة، فأصبح مستقلًا في هذه الناحية، واضطر للاتصال بالقوط في عهد الملك غيطشة، وقام بين الاثنين تعاون قوامه إرسال المؤن والامدادات من إسبانيا إلى جوليان. ويبدو أن موت غيطشة واستيلاء لذريق على العرش قد وضع حدًا لهذه العلاقات الطيبة لا سيما أن جوليان كان من أصدقاء غيطشة. ولهذا فلم يكن أمام جوليان إلا الرضوخ للعرب والتعاون معهم، لا سيما أنه رأى أن الأمور تسير لصالح العرب والمستقبل يبشر بتفوقهم على القوى الأخرى في المنطقة. وقد أخفق موسى بن نصير في أن يسيطر على سبتة
_________
(٣) ابن عبد الحكم، فتوح مصر وأخبارها، نشر: شارلس توري، نيرهيفن، ١٩٢٢، ص ٢٠٥؛ ابن القوطية، ص ٧ - ٨؛ فتح الأندلس، ص ٩؛ ابن عذاري، ج ٢، ص ٦ - ٧.
(٤) أحمد مختار العبادي، في تاريخ الأندلس والمغرب، مؤسسة الثقافة الجامعية، الاسكندرية، ص ٥٤ - ٥٥.
(٥) cf. E. Saavedra، Estudio sobre la invasion de los arabes en Espana، madrid ١٨٩٢،
pp. ٥٨-٥٩.
مؤنس، فجر الأندلس، ص ٥٩ - ٦٠؛ عنان، دولة الإسلام، جـ ١، ص ٣٥ - ٣٧ (وهو يؤيد قصة ابنة جوليان).
1 / 25
بالقوة بسبب حصانة أسوارها، ومقاومة جنود جوليان، فتم عقد الصلح بين الطرفين. وبموجب هذا الصلح ظل جوليان حاكمًا على سبتة مقابل اعترافه بالسيادة العربية، ورجع موسى إلى القيروان (٦).
وتذكر الحوليات اللاتينية رواية أخرى مفادها أن أولاد غيطشة هم الذين اتصلوا بالعرب ودعوهم إلى فتح إسبانيا ومساعدتهم في إعادة ملكهم المفقود، وأن الفتح العربي، ونجاحه كان نتيجة لهذا الاتصال (٧). وتشير بعض المصادر العربية أيضًا إلى مباحثات جرت في طنجة قبيل الفتح بين طارق بن زياد وأحد أولاد غيطشة (٨). بينما يقول آخرون أن هذه المباحثات حدثت قبيل بدء المعركة الفاصلة بين طارق بن زياد وجيش القوط بوقت قصير. وذلك عندما أصبح طارق فعلًا في إسبانيا؛ فعرض أبناء غيطشة، أن يتخلوا عن لذريق، ويؤيدوا طارقًا بجنودهم شريطة أن يضمن لهم كل ممتلكات والدهم، والتي تبلغ ثلاثة آلاف ضيعة، وهي التي سميت فيما بعد بصفايا الملك (٩)، وذلك بعد أن يخضع إسبانيا جميعها. ولا تعرض المصادر العربية الأخرى لذكر أية مباحثات بين طارق بن زياد وأولاد غيطشة، بل كل ما في الأمر أن هؤلاء الأولاد وبعض نبلاء القوط قرّروا التخلي عن لذريق في ساحة المعركة لأنهم اعتقدوا خطأ بأن العرب لا ينوون الاستقرار في البلاد، بل أنهم جاؤوا فقط من أجل الغنائم، وأنهم سيعودون بعد اندحار لذريق، ويرجع العرش إلى أسرة غيطشة (١٠). وبطبيعة الحال، فإن رأي هؤلاء المؤرخين أقرب إلى الصواب، وينسجم مع طبيعة الأحداث، فضلًا عن أنه يعارض فكرة نجاح الفتح بمساعدة قوى من داخل إسبانيا، الأمر الذي يروجه أعداء العرب للتقليل من شأنهم وقوتهم، فيبالغون في دور أسرة غيطشة في
_________
(٦) انظر: أخبار مجموعة، ص ٤؛ وقارن: مؤنس، المرجع السابق، ص ٥٣ - ٥٥، عبد الواحد ذنون طه، الفتح والاستقرار العربي الإسلامي في شمال أفريقيا والأندلس، ميلانو - بغداد، ١٩٨٢، ١٤٢.
(٧) (ملحق رقم ٣ لكتاب أخبار مجموعة)
The Chronicle of Albelda، p. ١٦٣;
The Chronicle of Alfonso III، p. ٦١٢.
(٨) الرقيق القيرواني، تاريخ أفريقية والمغرب، تحقيق: المنجي الكعبي، تونس، ١٩٦٨، ص ٧٣؛ ابن عذاري، (برواية عيسى بن أبي المهاجر)، ج ٢، ص ٦.
(٩) ابن القوطية، ص ٥؛ الحميري، ص ٩ - ١٠، المقري؛ ج ١، ص ٢٥٨.
(١٠) أخبار مجموعة، ص ٧ - ٨؛ فتح الأندلس، ص ٦ - ٧؛ ابن الأثير، ج ٤، ص ٥٦٣؛ المقري (برواية ابن حيان) ج ١، ص ٢٣١ - ٢٣٢، ٢٥٧ - ٢٥٨.
1 / 26
مساعدة العرب، وكذلك في دور اليهود، كما سنرى فيما بعد (١١).
وإذا ما سلمنا بأن دور أسرة غيطشة وأنصارها قد اقتصر على الوقوف إلى جانب العرب بعد عبورهم فعلًا إلى إسبانيا، فإن دور الكونت جوليان يبقى أمرًا لا يمكن إنكاره بسبب إجماع الروايات، على وجوده وموقفه من الفتح. ولكن ما هي مصلحة جوليان من فتح العرب لإسبانيا، لا سيما أننا استبعدنا دافع الانتقام الشخصي المتمثل برواية ابنته في بلاط طليطلة؛ لقد سبقت الاشارة إلى العلاقات الطيبة بين جوليان والملك غيطشة، وإلى المساعدات التي كان يتلقاها الأول من إسبانيا. ولكن بوفاة غيطشة ومجيء لذريق، توقفت هذه المساعدات نتيجة لانشغال الأخير بمشاكله الداخلية العصيبة. وقد استاء جوليان من هذا الموقف، وشعر بأهمية التعاون مع العرب وبشكل خاص في العبور إلى إسبانيا، لأنه أدرك قوة العرب ومستقبل سيادتهم على المنطقة، هذا بالإضافة إلى أنه كان من أصدقاء الملك غيطشة، وبالتالي فهو لم يرضَ عن استيلاء لذريق على عرش إسبانيا بدلًا من ورثة غيطشة. ولهذا فقد بدأ اتصاله بطارق بن زياد لأنه كان قريبًا منه في طنجة، أو ربما يكون طارق نفسه هو الذي اتصل به واطلع على رأيه في مسألة العبور إلى إسبانيا، لا سيما أننا نعلم أن دوافع العرب والمسلمين، والتي ذكرناها في أول الفصل، كانت قوية للفتح والتحرير، فلم يكونوا بحاجة لمن يحثهم على هذا الواجب المقدس، بل هم الذين اتخذوا بادرة الفتح بقيادة قائدهم الشجاع طارق بن زياد.
وتذكر بعض المصادر أن موسى بن نصير هو الذي اتخذ قرار الفتح، وهم يشيرون أيضًا إلى مراسلات تمت بهذا الشأن مع الخليفة في دمشق (١٢). ولكن بُعد المسافات بين طنجة والقيروان ودمشق تدعو المرء إلى التحفظ في قبول هذه الرواية، وبخاصة أن العديد من المؤرخين الآخرين يشيرون صراحة إلى أن عبور طارق إلى إسبانيا كان دون معرفة موسى بن نصير (١٣). وبطبيعة الحال، فإن هذه المسألة ليست جوهرية، لأن هدف
_________
(١١) عن آراء بعض الكتّاب المحدثين بشأن هذه الروايات انظر:
مؤنس، فجر الأندلس، ص ٥٥ - ٥٧، ٦٣ - ٦٤؛ العبادي، المرجع السابق، ص ٥٥، السيد عبد العزيز سالم، تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس، بيروت، ١٩٦٢، ص ٦٦ - ٦٧.
(١٢) ابن القوطية، ص ٨؛ أخبار مجموعة، ص ٥ - ٦؛ فتح الأندلس، ص ٢، ٤ - ٥؛ ابن الكردبوس، الاكتفاء في أخبار الخلفاء، تحقيق: أحمد مختار العبادي، مجلة معهد الدراسات الإسلامية بمدريد، العدد ١٣، ١٩٦٥ - ٦٦، ص ٤٥ - ٤٦؛ ابن عذاري، ج ٢، ص ٥ - ٦؛ cf.
Levi-Provençal، "al-Andulus"، Encyclopedia of Islam، New edition.
(١٣) رواية الواقدي في: البلاذري، فتوح البلدان، نشر: ذي غوية، ليدن، ١٨٦٦، ص ٢٣٠ و٢٣١؛ =
1 / 27