صحبة نابليون كانت أتت بأدوات طبعية توّلي إدارتها المسيو مرسال (marcal) وممّا طبعهُ بادئ بدء كتاب التهجئة في العربيَّة والتركية والفارسية (١٧٩٨) (ثم كتاب القراءَة العربية ثم معجم فرنسويّ وعربيّ ثمَّ غراماطيق اللغة المصرية العاميّة. وفي سنة ١٨٠٠ عاد مرسال إلى باريس وجلب مطبعتهُ معهُ ولم يستأنف المصريُون فن الطباعة إلا في أيام محمَّد عليّ سنة ١٨٢٢. وسنعود إلى الكلام عنها.
ومع قلَّة هذه الرسائل لتحصيل العلوم وُجد قومٌ من المكتبة الذين خدموا في الدواوين المصريَّة والشاميَّة وكانوا يتولَّون قلم الإنشاء فيها عند عمَّال الدولة العلية فينالون في الكتابة بعض الشهرة منهم إبراهيم الصبَّاغ وأولادهُ الذين أثبتنا ترجمتهم في المشرق (٨ (١٩٠٥): ٢٤) وصار ابنهُ حبيب كاتب القلم العربي عند أحمد باشا الجزَّار فتسلَّم دائرتهُ ثم تغيَّر هذا عليه فحبسهُ ومات محبوسًا. واشتهر المعلم عبود البحري وأخواهُ جرمانوس وخنَّا عند إبراهيم باشا أوزون القِطر أغاسي في حَلب وفي دمشق ثم عند خلفية عبد الله باشا العظم ويوسف آغاكنج كما ذكرنا في ترجمة والدهم ميخائيل البحري (راجع المشرق ٣ (١٩٠٠): ٢ - ٢٢) وذكرنا هناك ما كان لكل واحد منهم من الهمَّة في خدمة الدولة العثمانية وأصحابها. أما أبوهم ميخائيل فكان معتزلًا عن الأشغال في بيروت منقطعًا فيها إلى العبادة حتى توفي أواخر القرن الثامن عشر سنة ١٧٩٩. وقد روينا في ترجمته شيئًا من شعرهِ فأنهُ كان رُزق من القريحة والذكاء ما حَببهُ إلى رجال الدولة وقدَمهُ قي الأعمال وهو لا يزال يفرغ كنانة الجهد في القيام في الأمور وصدق الخدمة ونشأ أولادهِ على وتيرتهِ وترقَّوا في الرُتب الديوانية إلى أن انتقلوا نحو السنة ١٨٠٨ إلى مصر ونالوا الحظري لدى أمرائها (المشرق ٣: ٢١ - ٢٢) ومن آثارهم رسائل ومكاتبات وأشعار قد تبدّد أكثرها.
وكان في صور أيضًا المعلَم حنا عوراء من جملة الكتَّاب أخذ عن أبيهِ ميخائيل الذي كان فريدًا في الكتابة يُحسن الإنشاء في العربية والتركية والفارسية فلمَّا توفي ميخائيل في سنَّ الأربعين نال أبنهُ حناَّ رتبتهُ في ديوان الجزّار ثم عند سليمان باشا واستخدم معهُ أبنهُ إبراهيم الذي توفي بعد سنتين بالطاعون. وبقي حنا من بعدهِ زمنًا طويلًا في الأعمال الديوانيّة. وممن خدموا أيضًا في دواوين الإنشاء في ذلك الوقت الأخوان إبراهيم وخليل النحاس ابنا عم حنّا عورًا كتب لأول في عكا والثاني في صور
1 / 7