ولميخائيل البحري ذرية كريمة جرت على آثاره نخص منهم بالذكر ابنه عبودا أو عبد الله البحري الذي ذكرنا بعض تفاصيل حياته وتقلبه في المناصب العالية عند ولاة الشام ولدى أمراء مصر وكان رئيس قلم الإنشاء عندهم. لدينا من آثاره عدة رسائل دولية وأهلية وكان بلغ النهاية في حسن الخط. وفي عبود البحري قال الترك في موشحه الذي كتبه سنة ١٨٠٩ يمدح بعض أصحابه في دمشق:
كم تباهت دُرَرُ البحري على ... كل ذي نظمٍ بديعٍ ونثارْ
وشدتْ من فوق أعلى الصُّحف لا ... يُنبت الدرَّ الصفي إلا البحارْ
زمرُ الكتاب طرّا والملا ... من أولي الألباب توليه الوقارْ
كم نراهُ جاذبًا أن رقما ... معدنَ الأرواحِ كالمغنطيسِ
بل وكم يسبي عقولا حين ما ... يُظهرُ الآياتِ فوق الطرسِ
وممن مدحوا عبودا من الشعراء سليمان صوله قال فيه:؟؟ مولىً أبي الفضلُ إلا من يلازمهُ فلم يُقمْ بمكانٍ فيه لم يقُمِ
لله منهُ ملاكٌ يرتقي فرسًا ... وكوكبٌ ناطقً يسعى على قدمٍ
لهُ يدٌ تُخجل الإبحار بالكرم ال ... زّخار والذابل الخطار بالقلمِ
أضحى لدائرة المعروف والكرم الم ... وفور قُطْب علا أولاهُ لم تَدُمِ
أهديكَ يا خلَف البحري عاتقةً ... لعاتقِ المجدِ تهدي جوهر الحكَمِ
إذا قبلتَ بها كان القبولُ لها ... أعلى وأغلى من الياقوت في القيسمِ
وكانت وفاة عبود سنة ١٨٤٣ فرثاه المعلم بطرس كرامة بقصيدةٍ طويلة قال فيها:
يا للمنَية قد جازت وقد غدرتْ ... ببدر فضل لهُ الآدابُ هالاتُ
مولى اليراعة عبد الله من فُقدت ... لفقدهِ وانقضت تلكَ اليراعاتُ
يا طالما سبكت أقلامُهُ دررًا ... تقلدت بلآليها الرسالاتُ
وكم على وجنة القرطاس في يده ... تفاخرت ببديع الخط لاماتُ
ما لاعبتْ قلمًا يومًا أناملهُ ... ألاّ نَبَتْ مَشرفَّياتٌ صقيلاتُ
لما أتى الناس ناعيهِ أسفًا ... من اليراعة دالاتٌ وميماتُ
وكذلك اشتهر أخوه حنا البحري فمدحه الشاعر المذكور غير مرة (اطلب ديوانه ص٢٨٧، ٢٨٩، ٣٠٢) ونظم تاريخًا لوفاته سنة ١٨٤٣ كما مدح أخاهما جرمانوس فمن قوله في هذه الأسرة كان ميخائيل البحري خالًا لبطرس لبطرس كرامة (ص ٢٨٨) .
1 / 33