مُوسَى يسْأَله فَلم يُخبرهُ، فَعظم ذَلِك على مُوسَى وَسَأَلَ الْمَوْت فَمَاتَ، وَقيل غير ذَلِك. توفّي فِي التيه فِي سَابِع آذار لمضي ألف وسِتمِائَة وست وَعشْرين من الطوفان فِي أَيَّام منوجهر الْملك، مَاتَ بعد هَارُون أَخِيه بِأحد عشر شهرا، وَهَارُون كَانَ أكبر مِنْهُ بِثَلَاث سِنِين.
ومولد مُوسَى لمضي أَرْبَعمِائَة وَخمْس وَعشْرين من مولد إِبْرَاهِيم، وَبَين وَفَاة إِبْرَاهِيم ومولد مُوسَى مِائَتَان وَخَمْسُونَ سنة، وَولد مُوسَى لمضي ألف وَخَمْسمِائة وست سِنِين من الطوفان، وَكَانَ عمره لما خرج ببني إِسْرَائِيل من مصر ثَمَانِينَ سنة، وَأقَام فِي التيه أَرْبَعِينَ سنة، فَيكون عمره مائَة وَعشْرين سنة.
وَكَانَ بَنو إِسْرَائِيل قبل ان يخرجهم مُوسَى تَحت حكم فَرَاعِنَة مصر رعية لَهُم، وَكَانُوا على بقايا من دينهم الَّذِي شَرعه يَعْقُوب ويوسف، وَأول قدومهم إِلَى مصر لمضي تسع وَثَلَاثِينَ سنة من عمر يُوسُف، فأقاموا فِي مصر بَقِيَّة عمر يُوسُف وَهُوَ إِحْدَى وَسَبْعُونَ، لِأَن عمر يُوسُف مائَة وَعشر سِنِين فَإِذا نقصنا مِنْهَا تسعا وَثَلَاثِينَ بَقِي إِحْدَى وَسَبْعُونَ، وَأَقَامُوا أَيْضا مُدَّة مَا بَين وَفَاة يُوسُف ومولد مُوسَى وَهُوَ أَربع وَسِتُّونَ سنة، وَأَقَامُوا أَيْضا ثَمَانِينَ سنة من عمر مُوسَى حَتَّى خرج بهم، فجملة مقَام بني إِسْرَائِيل بِمصْر حَتَّى أخرجهم مُوسَى مِائَتَيْنِ وَخمْس عشرَة سنة.
(ذكر حكام بني إِسْرَائِيل ثمَّ مُلُوكهمْ)
لما مَاتَ مُوسَى لم يتَمَلَّك على بني إِسْرَائِيل ملك بل سد حكامهم مسد الْمُلُوك إِلَى قيام طالوت فَكَانَ أول مُلُوكهمْ - كَمَا سترى -. قَالَ الْمُؤلف ﵀: وَهَذَا الْفَصْل - فِي حكام بني إِسْرَائِيل وملوكهم - قد كثر الْغَلَط فِيهِ لبعد عَهده ولكونه باللغة بالعبرانية، فتعسر النُّطْق بألفاظه على الصِّحَّة والتواريخ فِي هَذَا الْفَنّ مُخْتَلفَة، وَأما فِي أَسمَاء الْحُكَّام، وَأما فِي عَددهمْ، وَأما فِي مدد استيلائهم. ولليهود الْكتب الْأَرْبَعَة وَالْعشْرُونَ وَهِي عِنْدهم متواترة قديمَة وَلم تعرب إِلَى الْآن، فأحضرت مِنْهَا سَفَرِي قُضَاة بني إِسْرَائِيل وملوكها وأحضرت عَارِفًا بالعبرانية والعربية وَتركته يقْرؤهَا، وأحضرت بهَا ثَلَاث نسخ وكتبت مِنْهَا مَا ظهر عِنْدِي صِحَّته وضبطت الْأَسْمَاء حسب الطَّاقَة.
يُوشَع: لما مَاتَ مُوسَى قَامَ بتدبير بني إِسْرَائِيل يُوشَع بن نون بن البشاماع بن عمهود بن بغدان بن ياحن بن شالخ بن راشف بن رافح بن يريعا ين إفرائيم بن يُوسُف بن يَعْقُوب، وَأقَام بهم فِي التيه ثَلَاثَة أَيَّام، ثمَّ ارتحل بهم إِلَى الشَّرِيعَة بالغور - واسْمه الْأُرْدُن - فِي عَاشر نيسان من سنة وَفَاة مُوسَى، فَلم يجد سَبِيلا للعبور، فَأمر يُوشَع حاملي صندوق الشَّهَادَة الَّذِي فِيهِ الألواح بِأَن ينزلُوا إِلَى حافة الشَّرِيعَة، فوقفت حَتَّى انكشفت أرْضهَا وَعبر بَنو إِسْرَائِيل ثمَّ عَادَتْ الشَّرِيعَة كَمَا كَانَت، وَنزل يُوشَع بهم على أرِيحَا محاصرا لَهَا، وَفِي كل يَوْم يَدُور حولهَا مرّة وَاحِدَة إِلَى السَّابِع أَمر بني إِسْرَائِيل أَن يطوفوا ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .
1 / 20