شرح الحال فى ذلك
جلس على السدة العالية بثياب سود متقلدا سيفا بحمائل فى البيت المعروف ببيت الرصاص، وبين يديه نهر يجرى الماء فيه الى دجلة، ودخل اليه الأشراف والقضاة والشهود والفقهاء وأهل خراسان العائدون من الحج وقرئ فى المجلس على رؤوس الملأ كتاب بتقليده أبا الفضل ولده العهد بعده وتلقيبه الغالب بالله تعالى ولا غالب إلا الله وحده لا شريك له، وكان له من السن فى هذا الوقت ثماني سنين وأربعة أشهر وأيام. وكتب الى البلاد بأن يخطب له بعده على نسخة قررت بحضرته وكانت بعد إتمام الدعاء له:
«اللهم وبلغه الأمل فى ولده أبى الفضل الغالب بالله تعالى ولى عهده فى المسلمين. [57] اللهم وال من والاه من العباد وعاد من عاداه فى الأقطار والبلاد، وانصر من نصره بالحق والسداد، واخذل من خذله بالغي والعتاد.
اللهم ثبت دولته وشعاره وانبذ الى من نابذ الحق وأنصاره» .
ذكر السبب فى تقليده العهد على هذه السن
قد ذكرنا فيما قدمناه من أخبار خراسان حال الواثقى [1] ووقوعه الى هرون بن ايلك بغراخاقان واستيلاءه عليه وتقدم منزلته عنده. وكان أبو الفضل التميمي الفقيه قصد بلاد الخانية واجتمع مع هذا الواثقى فاتفقا على ان افتعلا كتابا عن الخليفة أطال الله بقاءه بتقليد الواثقى العهد بعده واظهرا ذلك عند بغراخاقان وأن أبا الفضل ورد فيه. وصادف هذا الأمر رأيا جميلا من بغراخاقان فى الواثقى ومنزلة لطيفة له عنده فقواه واكده، وتقدم بأن يخطب
Shafi 457