فحدثني أبو منصور مردوست بن بكران، وكان معه وإليه خزانة السلاح السلطانية التي فى صحبته وهو داخل فى ثقاته وخاصته قال: كلت أجسامنا ودوابنا من مواصلة السير وإغذاذه وترك الإراحة فى ليل أو نهار، ووصلنا إلى جيرفت وما نعرف لابن بختيار خبرا. وقعد الموفق وجمع [18] الوجوه من الديلم والأتراك واستشارهم. فكل أشار بالتوقف والتثبت وتجنب المخاطرة بالاقدام والتهجم فامتنع من قبول ذاك فأقام على أمره فى الإسراء وراء ابن بختيار واستدعى منجما كان صحبه من شيراز فقال له:
- «أليس حكمت بأننى آخذ ابن بختيار وأظفر به فى يوم الاثنين الآتي» .
قال: «نعم» .
قال: «أين ذاك ونحن على هذه الصورة والرجل مستعجم الخبر وانما بقي من الأيام خمسة أيام؟» فقال: «أنا مقيم على قولي فى حكمى، ومتى لم تظفر فى اليوم الذي ذكرته فدمى لك حلال، وإن ظفرت فأى شيء تعطيني؟» قال [أبو منصور] [1] : فتضاحكنا به وهزئنا منه وسار فكان الظفر فى اليوم الذي نص عليه.
وحدثني أبو نصر السنى كاتب الموفق قال:
لما عظم أمر ابن بختيار وملك كرمان واجتمع عليه الديلم قلق بهاء الدولة بذلك وطالب الموفق بالخروج لقصده وحربه وكان مخاطبا له على الاستعفاء وقال له:
- «لو أجبتك [2] إلى الاستعفاء لما حسن بك ان تتقبله فى مثل هذا الوقت وقد علمت أننى لم أخرج من واسط إلا برأيك ولا وصلت الى ما وصلت إليه من هذه الممالك إلا برأيك واجتهادك. وإذا قعدت بى فى هذه الضغطة فقد أسلمتنى وضيعت ما قدمته فى خدمتي. ولكن تمضى فى هذا الوجه وتدفع عنى هذا العدو وتجعل للاستعفاء والخطاب عليه وقتا آخر فيما بعد.»
Shafi 414