قلت: (( دخلت عليه ليلة عند إفطاره فقال لي: قم فتعش مع الحسن والحسين. ثم قام إلى الصلاة فلما فرغ، دعا بجراب مختوم بخاتمه، فأخرج منه شعيرا مطحونا ثم ختمه )).
فقلت يا أمير المؤمنين: (( لم أعهدك بخيلا، فكيف ختمت على هذا الشعير؟ ))
فقال (ع): (( لم أختمه بخلا ولكن خفت أن يبسه الحسن والحسين بسمن أو إهالة )).
فقلت: أهو حرام؟
قال: (( لا ولكن على أئمة الحق أن يتأسوا بأضعف رعيتهم في الأكل واللباس، ولا يتميزون عليهم بشيء لا يقدرون عليه، ليراهم الفقير فيرضى عن الله تعالى بما هو فيه، ويراهم الغني فيزداد شكرا وتواضعا )) (1).
صور مشرقة في الإيثار (( من القرآن الكريم )).
صام علي (ع) وأهل بيته ثلاثة أيام متتالية نذرا لله عندما مرض الحسن والحسين (ع) وفي اليوم الأول من الصيام جاءهم مسكين فأعطوه طعامهم وشربوا الماء فقط.
وفي اليوم الثاني عرض عليهم يتيم فأعطوه طعامهم وأكملوا صيامهم ولم يذوقوا غير الماء، وفي اليوم الثالث جاءهم أسير فأعطوه طعامهم.
فنزل القرآن ذاكرا تلك الحادثة ومبشرا لهم بجنات النعيم. قال تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا(9) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا(10) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا(11) فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا(12) وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا(13) متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا(14) إلى آخر الآيات}[الإنسان: 9 22].
Shafi 38