ولعل العقاد يشير إلى ذلك التعامل الذي تعامل به علي (ع) مع أعداء الإسلام أثناء المعارك من رفعة وكرم حتى ارتسمت علامات الصفح والعفو على تلك القوة التي تراجع أمامها كل بطل.
ففي معركة أحد سقط حامل لواء قريش (( طلحة بن أبي طلحة )) بعدما ضربه (ع) وذهب للإجهاز عليه. فكشف عن عورته وسأل الإمام (ع) عاطفة الرحم فتركه علي (ع) وانصرف.
وفي معركة الخندق عندما ضرب عمرو بن عبد ود وهوى على الأرض.. ذهب (ع) للإجهاز عليه، (( فتفله عمرو )).
فأعرض عنه علي (ع) حتى هدأ. ثم ذهب ليجهز عليه. فسئل عن ذلك؟ فقال: (( أردت أن يكون قتله لله )). ولم يسلب عمرا آلة حربه بل تركه وانصرف.
ونموذج آخر ضربة الإمام علي (ع) في معركة صفين فقد قطع عنه جيش معاوية الماء واستطاع علي (ع) أن يسيطر على الماء، فقال له أصحابه: (( اقطع عنهم الماء ليموتوا عطشا مثلما فعلوا )).
فقال (ع): (( خذوا من الماء حاجتكم وارجعوا إلى معسكركم، فإن الله قد نصركم عليهم ببغيهم وظلمهم. وفي نفس المعركة ظفر علي (ع) بعمرو بن العاص وأسقطه من على فرسه وأراد قتله. فكشف عمرو عن سوءته.
فأعرض عنه (ع) وتركه رغم معرفته بدور عمرو بن العاص في جيش معاوية. وقد قال أبو فراس الحمداني في ذلك:
لا خير في رد الردى بمذلة ... كما ردها يوما بسؤته عمرو
إن الشجاعة بمواصفاتها لم تمنح إلا لعلي عليه السلام ولم تعط لغير علي (ع) وسيرته (ع) زاخرة بأمثلة متعددة من تلك المواقف النبيلة.
الزهد والجود في حياته (ع)
قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مخاطبا عليا (ع): (( إن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب منها: هي زينة الأبرار عند الله: الزهد في الدنيا فجعلك لا ترزأ تصيب من الدنيا ولا ترزأ الدنيا منك شيئا، ووهبك حب المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعا ويرضون بك إماما )) (1) .
Shafi 36