وفي يوم من الأيام أراد عليه السلام أن يتوجه إلى الأهواز للقاء قاضي القضاة أبي أحمد بن أبي علان، ولسماع مختصر الكرخي عنه، وأعلم الصاحب بذلك. فكتب الصاحب إلى قاضي القضاة كتابا يمدح فيه الإمام المؤيد بالله (ع)، ولما وصل المؤيد بالله (ع) قال القاضي: مرحبا بالشريف فإذا أراد فتح المختصر أملاه ولم يزد على ذلك، ولم يزر المؤيد ولا أزاره أحد من أصحابه، لأنه اعتقد أن كتاب الصاحب يريد منه العناية، وليس حقيقة، فتغيب المؤيد بالله (ع) حتى كان يوم الجمعة فذهب إلى مجلسه وهو مكتض بالعلماء والفقهاء من كل مكان، واستمع لمناقشتهم، وعندما كانوا يصلون إلى مسألة يستأذنهم ليبدي رأيه وعلمه فيها حتى خاض في جميع العلوم وأسكتهم. ولما انتهى مجلس المناقشة جاء إليه القاضي وقال: (أيها السيد نحن ظننا أن الصدر حيث جلسنا، فإذا الصدر حيث جلست، فجئنا نعتذر إليك من تقصيرنا في بابك) (1).
بيعته (ع):
خرج (ع) داعيا إلى الله سنة 280ه. وقال في دعوته: (أيها الناس إني أدعوكم إلى كتاب الله، وسنة نبيئه (ص)، والرضا من آل محمد، ومجاهدة الظالمين، ومنابذة الفاسقين، وإني كأحدكم، لي مالكم، وعلي ما عليكم إلا ما خصني الله به ولاية الأمر) (2).
وتهافت الناس على بيعته علماء وفقهاء وفقراء وأغنياء وغيرهم ومن ضمن الذين بايعوه علماء ذلك الزمان، ومنهم القضاة عبدالجبار على سعة علمه وفهمه، وأبو عبدالله الجرجاني، وأبو الفضل الزيدي المعروف بأبن النجار الرازي، وأبو يوسف الخطيب الأشكري، وغيرهم كثير.
Shafi 162