فهذه دعوتي العادلة غير الجائرة فمن أجابني فله مالي، وعليه ما علي، ومن أبى ذلك فحظه أخطأ وسيرى ذلك عالم الغيب والشهادة أني لم أسفك دما ولا استحللت له محرما ولا مالا، واستشهدك ياأكبر الشاهدين، واستشهد جبريل وميكائيل أني أول من أجاب وأناب. فلبيك اللهم لبيك مزجي السحاب، وهازم الأحزاب، مصير الجبال سرابا بعد أن كانت صما صلابا أسألك النصر لولد نبيك إنك على ذلك قادر) (1).
وفي فترة وجيزة أقبلت طلائع البربر زرافات ووحدانا، وأخذوا يدخلون في دين الله أفوجا، ويبايعون الإمام إدريس (ع) بالإمامة، وفي هذه الفترة تمكن الإمام (ع) من إرساء قواعد الدولة، وكون جيشا كثيفا افتتح به بقية بلاد المغرب الأقصى، فافتتح شالة، وسائر حصون تامسنا حتى وصل تادلا فافتتح حصونها، ثم بلغ ماسة.
وكان أكثر سكان هذه البلاد على دين النصرانية واليهودية والمجوسية، ولم يكن الإسلام قد انتشر بعد في أنحائها (2).
وعاد (ع) بعد هذه الغزوة إلى وليلى في ذي الحجة سنة 172ه، وفي منتصف رجب سنة 173ه خرج لفتح (تلمسان) ومحاربة من بها من الخوارج، ففتحها وبايعه أهلها، فقبل بيعتهم ودخل تلمسان وبنى فيها مسجدا ثم عاد إلى وليلى.
نجاح دعوة الإمام إدريس (ع):
نجح إدريس (ع) في دعوته للمغاربة، في بناء إسلام المغرب وعروبته ، ومد رقعة الإسلام في نواحي المغرب الأقصى بسرعة عجيبة ومذهلة، إذ وجد البربر فيه صورة مباينة ومناقضة لما كان عليه الحكام الأمويين والعباسيين، وعرفوا الإسلام في أكمل صوره، وأزهى حلله.
Shafi 133