ويروى من معاناته: أنه خرج من مكة يريد اليمن هربا من العباسيين ومعه زوجته وهي بنت عمه وهي حبلى ووصل إلى مفازة لا ماء فيها فجاءها المخاض فحفر لها حفرة لتتولى أمر نفسها وذهب يبحث عن الماء فلم يجد ماء فعاد ووجدها قد وضعت غلاما وقد أجهدها العطش فألح في طلب الماء ولم يجد شيئا فعاد وقد ماتت والصبي حي فكان بقاء الغلام عليه أشد من موت زوجته فصلى ركعتين ودعا الله له الخير فما فرغ من صلاته ودعائه إلا وقد مات الغلام فصلا عليهما ثم دفنهما. وأكمل رحلته صابرا محتسبا.
من مواقف الإيمان
كان جميع أفراد الأمة الإسلامية على اختلاف توجهاتهم يحبون القاسم (ع) ويميلون إليه وقد سجل أكثرهم مواقف إيمانية وبطولية معه ومن ذلك أنه عندما كان (ع) في مصر وقد اشتد عليه الطلب ونودي عليه وهو مستخف خلف دكان اسكافي من الزيدية ألا برئت الذمة ممن آوى القاسم بن إبراهيم وممن لا يدل عليه، ومن دل عليه فله ألف دينار ومن البر كذا وكذا والإسكاف مطرق يعمل لا يرفع رأسه فلما جاء إلى القاسم (ع) قال القاسم له: (أما ارتعت ؟ قال: ومن لي بارتياعي منهم، ولو قرضت بالمقاريض بعد رضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عني في وقاية ولده بنفسي) (1) .
مقتطفات من كلامه (ع)
قال (ع): من لم يعلم في دين الإسلام خمسة من الأصول فهو ضال. أولهن أن الله سبحانه وتعالى إله واحد ليس كمثله شيء، وهو خالق كل شيء يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير.
والثاني من الأصول: أن الله سبحانه عدل حكيم غير جائر، لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يعذبها إلا بذنبها، لم يمنع أحدا من طاعته بل أمر بها، ولم يدخل أحدا في معصيته بل نهاه عنها.
والثالث من الأصول: أن الله سبحانه وتعالى صادق الوعد والوعيد يجزي بمثقال ذرة خيرا، ويجزي بمثقال ذرة شرا، من صيره إلى العذاب فهو فيه أبدا خالدا مخلدا خلود من صيره إلى الثواب الذي لا ينفد.
Shafi 123