المسير إلى ملك الديلم جمع الرشيد من تلك الجهات ألفا وثلاثمائة عالم وأخبرهم بمهمتهم وهدد من امتنع منهم بضرب عنقه وتوجهوا مع الفضل إلى جستان وكان الفضل قد عرف أن امرأة جستان غالبة عليه فأرسل لها الهدايا والأموال فأشارت على زوجها بتسليمه وتقدم الفضل بالشهود والأموال لجستان. فقال جستان: (( يا يحيى ما وجدت أحدا تخدعه بدعوتك غيري؟ )) فقال له يحيى(ع): (( أيها الرجل إن لك عقلا فاجعله حكما دون هواك لو أني كنت عبدا كما قالوا ما وجهوا إليك بهذا المال ولا وجهوا هذا الجند العظيم وأنفقوا هذا المال الجسيم لأجل عبد هرب، ولا جمعوا من وجوه هذه الأمصار من ترى ليشهدوا عندك بالزور فابعث من تثق به ليسأل عني في هذه الأمصار وفي غيرها من أنا حتى تكون على يقين من أمرك )) (1) .
فقال له جستان وقد غلبت عليه امرأته وطمع في كثرة الأموال المبذولة: (( هذا يطول، ما كان هؤلاء ليشهدوا عندي بالزور )). فقال يحيى (ع): (( إنهم مكرهون على الشهادة وإن من أبا منهم قتل فاجمع بيني وبينهم ))!.
مقابلة العلماء
التقى يحيى (ع) بالعلماء وخطبهم خطبة طويلة ذكرهم بمنزلة أهل البيت (ع) فيهم وما حل بهم من التشريد والقتل وقال في آخرها: (( فصرنا طريدة لكم من دار إلى دار، ومن جبل إلى جبل، ومن شاهق إلى شاهق، ثم لم ينفعكم ذلك حتى أخرجتمونا من دار الإسلام إلى دار الشرك، ثم لم ترضوا بذلك من حالنا حتى تداعيتم علينا معشر العرب خاصة من دون العجم من جميع الأمصار والمداين والبلدان فخرجتم إلى دار الشرك طالبين لدمائنا دون دماء أهل الشرك تلذذا منكم بقتلنا وتقربا إلى ربكم باجتياحنا. زعمتم أن لا يبقى بين أظهركم من ذرية نبيكم عين تطرف ولا نفس تعرف، ثم لم يقم بذلك منكم إلا أعلامكم ووجوهكم وعلماؤكم وفقهاؤكم والله المستعان )) (2)
Shafi 105