Tarbiya A Cikin Musulunci
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Nau'ikan
ما فرطنا في الكتاب من شيء . (الأنعام: 38). (7) الفصائل والرذائل
الفضائل حلية الإنسان. وهي حسنة إذا عمل بها صاحبها؛ أما العلم بها دون عمل، فلا فرق بين إنسان يحملها، أو كتاب يحويها.
وقيل إن الإنسان مجموعة من العادات. وأغلب أعمال الإنسان عادات وهي توفر الوقت والمجهود، وتؤدي إلى الإتقان والسهولة، وتجعل صاحبها يتفرغ لأعمال جديدة يفكر فيها. فإذا كان الأمر كذلك فمن الخير للإنسان المبادرة بتكوين العادات الفاضلة حتى تتأصل منه، وتنزل منزلة الطبع، ولأن الإقلاع عن العادات المرذولة، إذا تمكنت، يكون شاقا عسيرا.
لهذا كان من الواجب على القائمين بتربية النشء أن يزرعوا في أنفسهم الصفات الخلقية الحميدة منذ الصغر؛ ليشبوا عليها، ويألفوها مع الزمن.
وقد فطن القابسي لهذه النتائج المترتبة على تكوين العادة فقال بصدد تعليم الصلاة: «وقد أمر المسلمون أن يعلموا أولادهم الصلاة والوضوء لها، ويدربوهم عليها، ويؤدبوهم بها، ليسكنوا إليها ويألفوها، فتخف عليهم إذا انتهوا إلى وجوبها عليهم.» 27-أ.
وهناك فضائل أوحى القابسي بتوجيه الصبيان إليها، كما أن هناك رذائل نص عليها، ونبه المعلم إلى وجوب الحذر منها، وإبعادها عن طريق الصبيان. والنص على رذائل خاصة، وذنوب بعينها، يدل على ما كان يجري في ذلك العصر، وينبئ عن أسرار تلك البيئة الاجتماعية.
من هذه الصفات الخلقية التي ينبغي أن يتحلى بها الصبيان: الطاعة. وليست الطاعة واجبا على الصبيان نحو المعلم فقط، بل هي واجب المسلمين كافة لأوامر الله والرسول، كما جاء في القرآن:
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (النساء: 59). وفي القرآن آيات كثيرة تحث على الطاعة بل تأمر بها، فقد أمر الله المرأة أن تطيع زوجها، والابن أن يطيع أباه. وبذلك نجد الإسلام يضع الناس في درجات من السيطرة والخضوع، والأمر والانقياد. وفي قمة هذه الدرجات الله تعالى الذي أمر العباد بعبادته وتسبيحه وحمده، كما أمرهم بأنواع كثيرة من السلوك بينهم وبين أنفسهم، وبينهم وبين غيرهم. ويلي طاعة الله طاعة الرسول وأولي الأمر، كل ذلك بنص في الدين. والوالد هو الولي الشرعي لأبنائه، لذلك وجبت طاعة الأبناء للآباء بأمر الدين. والمعلم يحل محل الوالد، ومنزلته هي نفس منزلته، وفي ذلك يقول القابسي: «فإنما هو لهم عوض من آبائهم.» وبذلك تجب طاعة الصبيان للمعلم.
هذه الطاعة إنما أوجبها الشرع على الناس لحكمة؛ ذلك أن خير المجتمع ومصلحته إنما تكون في الألفة بين الأفراد، والتعاون بينهم. وتتحقق مصلحة الصبيان بما يمليه عليهم أولياء أمورهم، الذين قد سمت عقولهم، واتسعت مداركهم، وكثرت خبرتهم، وعرفوا الشرع والدين والحياة حق المعرفة. فلا يتم تعليم الدين، بل تعليم أي أمر من الأمور، إلا بالتلقين الصادر من الكبار إلى الصغار؛ ولا يتحقق هذا التلقين إلا بالطاعة.
المعلم وهو يلقن الصبي إنما يقدم إليه خلاصة ما بلغت إليه الحضارة في أجيال متلاحقة. ولو تركت الطفل يحصل بمفرده حقائق الحياة وأسرار الوجود، لوجب أن يطول عمره آلافا من السنين ليبلغ ما وصلت إليه المدنية الحاضرة.
Shafi da ba'a sani ba