240

Tarbiya A Cikin Musulunci

التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي

Nau'ikan

والله أعلم ما صنع ذلك. وأما المقيم على كفره فهو بعيد من أن يؤمن على كتاب الله، أو على أولاد المسلمين، ليعلمهم شيئا ما، أو يخالط صبيان المسلمين صبيان الكافرين في تعليم كل ما قدمنا؛ عن ابن وهب عن مالك يمنع من ذلك. وفي الموازية:

53

وكره مالك أن يطرح المسلم ولده في كتاب النصارى؛ ولسحنون قال: ولا يجوز للمعلم [49-أ] أن يعلم أولاد النصارى الكتاب ولا القرآن. وقال ابن حبيب قيل لمالك: أيعلم أبناء المشركين الخط دون القرآن؟ فقال: لا، وعظم فيه الكراهية. وقال ابن حبيب: وكل من لقيت يكرهون ذلك، ويرون للإمام العدل أن يغير ذلك ويعاقب عليه، ومن فعله من جهال المعلمين فذلك طارح شهادته، موجب لسخطته، لمسهم لكلام الله وكتابه وهم أنجاس.

والذي وصفت لك أيضا في هذا الفصل صواب كله. وقد وصفت لك فيما تقدم احتجاج سحنون في الإباء من تحذير الإجارة على تعليم الفقه والفرائض وغير ذلك مما فرق بينه وبين الإجارة على تعليم القرآن؛ فافهمه، إذا مررت به، فإنه حسن، أخبر فيه أن القرآن لتعلمه غاية ينتهى إليها، والفقه وغيره من العلوم ليس له غاية. يريد أن القرآن [49-ب] إنما يتعلم استظهاره، وهو شيء مجموع، إن يشرط استكماله، فله غاية وهو ما حواه المصحف المجتمع عليه من سور القرآن المعدودة. والفقه إنما التعلم به الفهم فيه، وهو شيء لا يحاط به، ولا يعرف من الفهم جزء مقتصر عليه. والنحو مثله. وكل شيء يحتاج إلى الاستنباط منهم بالفهم فيه، فهذه سبيله؛ وقد يرى الفهم فيه شيئا ثم ينتقل عنه بعد ذلك لمعنى يحدث عند المتفهم فتبعد الغاية فيه، ويختلف عليه. وأما ما

54

طريقه حفظه، كالشعر وما أشبهه من مقالات العرب يستأجره ليحفظ ذلك ظاهرا، فوجه الكراهية فيه أنه إنما يراد ليفهم منهم ما يستعان به، والتفهم فيه أيضا لا غاية له، واستظهاره لغير التفهم أي فائدة فيه؟ وأي أجر يؤجر عليه؟ وليس هو كالقرآن. فإن [50-أ] قلت ليستظهر حفظ حروفه خاصة، ثم ينظر في تفهمه بعد استظهاره بغير أجر على يدي غير هذا المعلم، فاعلم أن الباب المكروه، لا وجه إلى أن يستثنى منه شيء إلا بتوقيف، ولا يحمى الباب إلا بمنع جميعه، وإن دخل فيه ما لا تقوى حجته إلا لإحماء الباب؛

55

ولذلك جرى فيه الاختلاف الذي وصفناه. على أن القاصد إلى حفظ حروف ذلك ليفهم فيه بعد ذلك، قد لا ينتهي إلى التفهم، فيحصل بما يحفظ على غير فائدة تفيده في دينه. والقرآن من استكمل حفظه انتفع به، وإن حفظ منه حرفا انتفع به في دينه، فخالف القرآن كل شيء يحفظ من كلام الناس خلافا بينا، لا إشكال فيه. ولذلك أجازوا إجارة التعليم على أجزائه واستكماله، فقد تقدم من ذلك في صدر الباب فضل.

وأزيدك [50-ب] ها هنا منه ما يكون عونا لك في استبانته. قيل لابن القاسم: إن استأجرت رجلا يعلم لي ولدي القرآن، يحذقه القرآن بكذا وكذا درهما، قال مالك: لا بأس بذلك. وقال ابن القاسم: ولا بأس بالسدس أيضا مثل قول مالك في الجميع. وقال ابن القاسم: لا بأس أن يقدم إلى معلم الكتاب حقه، قبل أن يدخل الصبي. وعند ابن سحنون قال مالك: لا بأس أن يستأجر الرجل المعلم على أن يعلم ولده القرآن بأجر معلوم، إلى أجل معلوم أو كل شهر، وكذلك نصف القرآن، وربعه، وما سمي منه. قال أبو الحسن: أما قوله أو كل شهر، فقد قيل لابن القاسم أن يستأجره على تعليم ولده القرآن كل شهر بدرهم، أو كل سنة بدرهم. قال: قال مالك: لا بأس بذلك، قيل إن [51-أ] استأجره على أن يعلم ولده الكتابة كل شهر بدرهم؟ قال: قال: لا بأس بذلك. قيل - وهو قول مالك - قال: قال مالك في إجارة المعلمين سنة بسنة: لا بأس بذلك. والذي يستأجره يعلم ولده الكتابة وحدها، لا بأس بذلك، مثل قول مالك في إجارة المعلمين سنة بسنة. قال أبو الحسن: وأما قوله إلى أجل معلوم، فإن كان يريد أن يكون يعلمه القرآن كله إلى أجل معلوم، فإن ابن المواز ذكر في قول مالك، لو اشترط أن يعلمه سنة أو سنتين كان ذلك لازما. قال محمد بن إبراهيم: جائز، ما لم يقل له: تعلمه في سنة أو سنتين. قال أبو الحسن: قول مالك في سماع ابن القاسم، وابن وهب، كما حكاه محمد، ورواه مطرف عن مالك، قال: وجميع علمائنا بالمدينة. وفسره محمد أنه لم يشترط استكمال القرآن في هذا [51-ب] الأجل، وتفسيره جار على الأصول في سائر الإجارات. ولكن قال ابن حبيب: قد أجاز مالك أن يشارط المعلم في الغلام على الحذقة ظاهرا أو نظرا، سميا في ذلك أجلا أو لم يسميا. ولقد قلت لأصبغ: كيف أجاز مالك الشرط على الحذقة إذا سميا لها أجلا، أرأيت إذا انقضى الأجل ولم يحذقه، ما يكون له؟ قال: يكون له أجرة مثله فيما علمه في تلك السنة، وليس على حساب الأجرة الأولى. قلت: ولا ترى هذا من شرطين في شرط؟ قال: لا، وإنما كان يدخله شرطان في شرط، لو كان عاقده على هذا اللفظ بديا، فأما إذا عاقده على أن يحذقه في سنة فإنما هو على شرط واحد، حتى يحدث بينهما الذي وصفنا من تقصيره عما شرط عليه، فيرد إلى أجرة مثله على تحذيقه إياه في أكثر من السنة، لأن أبا [52-أ] الغلام إنما كان رضي بالأجرة الأولى على أن يحذق ولده في سنة، فلما جاوز المعلم توقيت ما وقت له، لم يكن له أن يأخذ على التأخير ما سمي له على التعجيل، وكان ذلك مظلمة على أبي الغلام، إن أخذ ذلك منه. وإنما الذي لا يجوز فيه التوقيت مع الحذقة، أن يوقت وقتا ضيقا يرى ويخشى أنه لا يبلغ ذلك فيه لضيقه، فالعذر والخطر يدخله. قال أبو الحسن: وفرق أصبغ في هذا الجواب بين معلم الكتاب وبين الخياط يشترط الفراغ في أجل معلوم، فأجراه مجاري الإجارة الداخلة في معاني البيوع على ما استحسن، إذا كان الأجل المؤقت يمكن الفراغ مما اشترط عليه فيه قبل ذهاب الوقت، فلا باس به؛ كذا قال في المعلم والخياط. وقضيته للمعلم، إذا تم الأجل قبل تمام الحذقة بأجرة مثله ليس على حساب ما استؤجر [52-ب]، صواب مستقيم.

ذكر ما أراد بيانه من سياسة معلم الصبيان

Shafi da ba'a sani ba