Tarbiya A Cikin Musulunci
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Nau'ikan
فالقابسي يقصد من الرفق العدالة في العقاب، وعدم التشديد فيه، والابتعاد من المغالاة في الضرب أو أي وسيلة أخرى من وسائل الرياضة والتأديب؛ وعلة ذلك نفسانية؛ لأن معنى استئناس الصبيان هو الاعتياد الناشئ عن التكرار، ومن أثر العادة إماتة الشعور، وبذلك ينعدم التأثير المطلوب من العقاب، فضلا عن ذهاب سلطة المعلم وعدم هيبة الصبيان من سطوته عليهم.
ومن الرفق ألا يبادر المعلم إلى العقاب إذا استأهل الطفل ذلك، وإنما ينبه الطفل مرة بعد مرة، فإذا لم يستمع لهذا التنبيه، ولم يأخذ بهذا التوجيه، لجأ المعلم إلى وسائل العقاب المنصوص عليها.
حرمان الأطفال الطعام والشراب عقوبة معروفة مشهورة؛ وهي عقوبة شديدة الأثر في نفس الطفل؛ لأن همه في الحياة تناول الطعام واللعب. ولا صبر له على الجوع حتى يشبع، فإذا شبع لعب، ولا زاجر له عن اللعب حتى يتحرك. وحرمان الطعام واللعب عقوبتان معيبتان، وحرمان الطعام أشد عيبا لأن في ذلك ضررا بصحة الطفل، وكبتا لأقوى غريزة وأولها عند الإنسان، فينشأ الطفل على الشره في مستقبل حياته، وقد تمتد يده إلى السرقة لإشباع حاجة نفسه مما يحرمه عليه أهله والقائمون بأمر تعليمه من ألوان الطعام.
لهذا نص القابسي على أن من الرفق بالصبيان الإذن لهم بالانصراف إلى تناول الغداء، وعدم منعهم من الطعام والشراب. ذلك أن العادة كانت جارية في ذلك الزمان أن ينصرف الصبيان مع الظهر إلى دورهم لتناول الغداء ثم يعودون بعد ذلك إلى الكتاب. (3) النهي عن عقوبة الانتقام
العقوبة على أربعة مذاهب حسب الغاية منها، فهي انتقامية أو رادعة أو واعظة أو مصلحة.
وأول أنواع العقوبات ما كان الغرض منه الانتقام من صاحب الذنب. والانتقام فطري في الإنسان؛ لأنه يتصل بغريزة الغضب. والمعروف أن الإنسان إذا اعتدي عليه غضب وثار وحاول أن يرد الاعتداء. وفي سورة الغضب يحطم الإنسان كل شيء، ويعتدي على كل شيء؛ لأن المحرك له قوة الكفاح والمقاتلة، لا ميزان الحكمة وتقدير العقل والمصلحة. والمتوحشون على هذه الصورة الأولية من الاندفاع وراء الانتقام، وشفاء غليل النفس مما تشعر به من الثورة.
وقد أخذت الحضارة بيد الإنسان في طريق الخير، وهذبت ميوله الفطرية وغرائزه الحيوانية، ناظرة في ذلك إلى نفع المجتمع بأسره. هذا التهذيب يقتضي ضبط النفس عند ظهور النوازع الفطرية، ليرى صاحبها: أمن المصلحة أن يستجيب لنداء هذه الدوافع أم يكفها وينهاها؟ على أي الحالات ينبغي أن يسيطر الإنسان على نفسه فيوجه أمره على ضوء العقل، فلا يخضع لكل دافع، أو ينساق وراء كل نازع.
وكثيرا ما يفقد الإنسان الحكمة والبصيرة، ويعود إلى الطور الحيواني من الاندفاع الأعمى، ويكون ذلك في أحوال الغضب الشديد، وما يصحبه من غيظ وكمد.
ولكن المرء لا يكمل معاني الإنسانية الذاهبة نحو السمو، إلا إذا استطاع ضبط النفس، وحبس الغيظ. وفي القرآن إشارة إلى هذه الفضيلة الواجبة حيث قال تعالى:
والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين (آل عمران: 134).
Shafi da ba'a sani ba