Tarajim Misriyya Wa Gharbiyya
تراجم مصرية وغربية
Nau'ikan
على أنه مع كل هذه الوداعة والظرف ومع ما كان يسيل به خلقه من رقة، كان أبيا لا يقيم على ضيم، ذكر لي أصدقاؤه الذين عرفوه طوال حياته أنه برغم ما تقلب فيه من كبرى مناصب الحكومة كان المصري الوحيد الذي لم يقابل لورد كرومر ولم يدخل الوكالة البريطانية في مصر، وأنه حدث بينه وبين رياض باشا - وكان رئيس النظار - جفاء لحكم أصدره ماسا ببعض المحسوبين على رياض باشا، فلما جاء في أحد المواسم إلى عابدين ومثل بين يدي الخديو توفيق ثم خرج من لدنه إلى رياض باشا مهنئا إياه كرئيس حكومة أوقفه رياض باشا ولم يأذن له بالجلوس، وكان ابن رياض باشا واقفا عند باب الحجرة التي يجلس فيها أبوه، فقال إسماعيل صبري مخاطبا الابن بمسمع من الأب: قل لأبيك يحترم الناس كي يحترموه، وروى عثمان باشا مرتضى في حفلة تأبين إسماعيل صبري أن أحد قناصل الدول الأجنبية طلب إليه - وكان محافظا للإسكندرية - أن يشيع جنازة غني من أهل جاليته ترك ثروة طائلة كسبها في مصر وأوصى بها كلها لبلاده، فكان جواب المحافظ أن اعتذر؛ لأن المحتفل بجنازته لم يفكر في مصر التي أثرى فيها، فليس يطلب من مصري أن يفكر في مجاملته حيا أو ميتا.
دعة وظرف ورقة وحسن معاشرة وإباء، اجتمعت كلها في نفس شاعر التقت فيه الحياتان الشرقية والغربية وألهمتها الطبيعة ذوق الجمال، وبخاصة ما كان منه متعلقا بالنغم الشعري، فماذا ترى يكون أثر ذلك كله في شعره؟ فأما الرقة فقد تنفست في شعر صبري غزلا بالمرأة وهياما بجمالها أيا كانت هذا المرأة، وأنت ترى من ذلك شيئا غير قليل حين تذهب إلى مراجعة شعر صبري الغنائي، لكنك تراه ماثلا بصورة حلوة جميلة آخذة باللب في قصيدته البديعة (تمثال جمال) وبخاصة في هذه الأبيات منها يخاطب المرأة الجميلة أو كما سماها «لواء الحسن»:
إن هذا الحسن كالماء الذي
فيه للأنفس ري وشفاء
لا تردي بعضنا عن ورده
دون بعض، واعدلي بين الظماء
ساعفي آمال أنضاء الهوى
بقبول من سجاياك رخاء
وتجلي واجعلي قوم الهوى
تحت عرش الشمس بالحكم سواء
Shafi da ba'a sani ba