Tarajim Mashahir
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
Nau'ikan
لما قام المهدي بدعوته ووفق إلى فتح المديريات استولى على خزائنها وأموال أهلها، فكان ينفق مما وصل إلى يديه من ذلك، وهي النقود الدارجة في السودان على عهد الحكومة المصرية، أهمها الريال المجيدي، والريال أبو مدفع، فلما اتسعت مملكته ونفدت تلك الأموال أخذ في ضرب النقود باسمه، أشار عليه بضربها أحمد ولد سليمان، فضرب نقودا فضية شبيهة بالريال المصري، وجنيهات شبيهة بالجنيهات المصرية، ولكنهم لم يكونوا يضبطون المقادير اللازمة من كل معدن منها، وكان الذهب قليلا بين أيديهم فكفوا عن ضرب الجنيه، وأكثروا من ضرب النقود الفضية، فضربوا منها ضربات عديدة تعرف بأسماء خاصة منها «ريال المهدي» وهذا أحسنها كلها، ومنها «مقبول» و«أبو سدر» وكلاهما من ضرب نور القيرافوي، و«أبو كيس» وعليه رسم رمحين متصلين، و«العملة الجديدة»، على أنهم أخذوا ينقصون مقدار الفضة بالنسبة إلى النحاس شيئا فشيئا حتى صارت الفضة إلى النحاس كنسبة 2 إلى 5، مع أنها كانت في بادئ الرأي 7 إلى 1؛ أي إن الريال كان يحتوي سبعة أجزاء من الفضة وجزءا من النحاس، وهو ريال المهدي، فصار يحتوي جزأين من الفضة وخمسة من النحاس، وذلك دليل على فقر السودان وفساد حكومته، على أن دار ضرب النقود كان يتخذها كبار الدراويش تجارة يكتسبون بها أموالا طائلة لأنها تعطي حكرا أو ضمانة، ومن قوانينها أن يرأسها اثنان معا يدفع الواحد منهما ستة آلاف ريال كل شهر، وما يضربانه من النقود يجب أن يكون مقبولا لدى التجار وغيرهم، فإذا اعترض أحد على صحتها أو تمنع عن قبولها فعقابه الجلد أو سلب الأموال، فالريال صار يستبدله تجار أم درمان بثمانية ريالات من العملة الجديدة، ويستبدلون الريال أبو مدفع بخمسة ريالات، فاضطروا ملافاة لما يلحقهم من الخسارة بهذه المعاملة أن يرفعوا أثمان بضائعهم حتى بلغ ثمن شقة البفتة الزرقاء التي يصطنعون منها ثياب النساء ستة ريالات، وكان ثمنها على عهد الحكومة المصرية ثلاثة أرباع الريال، وأصبح رطل السكر (الرطل 144 درهما) بريالين.
ومن الغريب أن غلاء الأثمان قاصر على البضائع الواردة من مصر، أما ما يجلب من السودان فأثمانه بخمسة بالنسبة إلى تلك، فالجمل مثلا يساوي ستين ريالا، والبقرة مائة ريال، وإردب الذرة ستة ريالات، والخروف خمسة ريالات فأكثر.
شكل 11-3: مجلس التعايشي. (4) القضاء
كان القضاء منوطا عندهم بالقضاة، وكبيرهم يسمى «قاضي الإسلام»، وجميعهم آلات صماء بأيدي التعايشي فلا يصدرون حكما إلا كما يوحيه هو إليهم ما خلا القضايا الطفيفة من الأحوال الشخصية وما شاكلها، فقضاة الدراويش بهذا الاعتبار بين جاذبين قويين: ضميرهم والأحكام الشرعية من جهة، وإدارة التعايشي من جهة أخرى، وهاك أسماء قضاة أم درمان عام سنة 1895. (1)
حسين ولد زهرة
من قبيلة الجعالين (2)
سليمان ولد الحجاز
من قبيلة الحجماب (3)
حسين ولد قيسو
من قبيل الحمر (4)
Shafi da ba'a sani ba