Tarajim Mashahir
تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول)
Nau'ikan
شكل 35-1: الماركيز إيتو أكبر سياسيي اليابان (ولد سنة 1841). (1) ترجمته
اسمه هيروبومي إيتو ولد في ولاية تشوشو من أعمال اليابان سنة 1841 وتلقى العلم فيها على قدر ما كانت تسمح به حالة تلك الأيام، فلما تجاوز العشرين من عمره تاقت نفسه إلى اكتساب العلوم العالية، وكانت ذكرى أوروبا ترن في أذنيه، فجاء إنكلترا سنة 1863 فاطلع على علومها وتفقد أسباب تمدنها فأضاف معارف الغرب إلى معارف الشرق، واتخذ من المزيج قوة أهلته لأكبر المناصب، فكان هذا الرجل أكبر وسيلة ساعدت أمة اليابان على النهوض تلك النهضة التي أدهشت العالم وبهرت العقول.
وأخذ منذ عاد إلى بلاده يتدرج في المناصب حتى بلغ أعلاها جميعا، فتولى سنة 1868 حكمدارية هيوجو، وكانت في حال تدعو إلى وال ذي دراية في السياسة الخارجية فلم يروا أليق منه لذلك، ولكنه لم يلبث سنة في هذا المنصب حتى رأت الحكومة أنها تحتاج إليه في إصلاح المالية، فولته وكالة نظارة المالية، وشخص في السنة التالية (1870) إلى أميركا قضى فيها سنة يدرس نقودها وما يتعلق بها، فلما عاد إلى منصبه ظهرت نتائج أبحاثه في سرعة تقدمه، فترقى سنة 1873 إلى رتبة الوزارة، وتولى نظارة الأشغال العمومية، ومنزلته ترتفع في عيني الإمبراطور يوما عن يوم فلم تدخل سنة 1885 حتى عهد إليه بتشكيل الوزارة، فتولى رئاسة النظار ثلاث سنوات متوالية، ثم اعتزل هذا المنصب وتنقل في مناصب أخرى بخدمة الإمبراطور، فكان تارة رئيس الخاصة وطورا صاحب الختم، وآونة رئيس مجلس الشرفاء، وأنعم عليه الإمبراطور بلقب كونت.
وعاد سنة 1892 إلى الوزارة وما زال فيها إلى سنة 1896 وجرت الحرب بين اليابان والصين في تلك الأثناء، فأبان فيها من الدهاء والحزم ما خلد له الذكر الجميل. فلما انقضت الحرب كافأه الإمبراطور بلقب ماركيز، ثم عاد إلى الوزارة ثالثة سنة 1898 ورابعة سنة 1900 ولكنه لم يمكث في كليهما إلا بضعة أشهر، ثم اقتضت صحته ومصالح بلاده انتقاله إلى أوروبا، وهذه هي سلسلة المناصب التي تولاها على وجه الاختصار.
الشورى:
نرى من سرعة ارتقاء هذا الرجل في مناصب الدولة أنه ذو مواهب سامية ؛ غير أن المواهب السامية لا تقتضي الإتيان بالمنافع الكبرى حتما إلا إذا تمهدت لها الأحوال وكان صاحب المواهب راغبا في الإصلاح. أما إيتو فإنه وفق إلى خدم جزيلة يندر أن تتأتى لرجل وخصوصا في الشرق، وسبب نجاحه أنه لم يشرع في عمل قبل أن يدرسه ويفحصه، وقد سار إلى أوروبا وأميركا غير مرة لهذه الغاية، ومن أهم تلك الأعمال أنه أدخل الشورى في الحكومة اليابانية، فبعد أن كانت حكومة مطلقة وقول الملك فيها شريعة المملكة جعلها شوروية، ولا يخفى ما يحول دون ذلك من المشقة في أمة كان يزعم المتمدنون أنها من الأمم الخاملة.
بدأ بتأسيس الشورى سنة 1883 فوضع لها اللوائح، وطال به أمر التنقيح والتعديل لغرابة هذا النظام عندهم حتى تقرر رسميا سنة 1889.
وخلاصة نظام الحكومة اليابانية أن الإمبراطور هو رأس المملكة، وله سلطة الإجراء بمساعدة مجلس شوراه، وهم مسؤلون بين يديه عن أعمالهم وهو يوليهم ويعزلهم، وهناك أيضا مجلس خاص يبحث في المسائل الهامة المتعلقة بالمملكة مما يعرضه الإمبراطور. وللإمبراطور أن يشهر الحرب ويدعو إلى السلم ويعقد المعاهدات، وفي اليابان مجلس للأعيان ومجلس للنواب فلا يسن الإمبراطور قانونا إلا بمصادقتهما.
الجند:
ومن أعماله أيضا أنه أصلح الجندية اليابانية في البر والبحر، وبذل في سبيل ذلك العناية الكبرى، ولولا هذا الإصلاح ما استطاعت اليابان أن تتغلب على الصين في حروبها سنة 1892 وللماركيز إيتو لائحة في بناء السفن لا يزال العمل جاريا بها، وقد جعلت أسطول اليابان من أمنع الأساطيل.
Shafi da ba'a sani ba