Tarajim al-Muʾallifin al-Tunisiʾin
تراجم المؤلفين التونسيين
Mai Buga Littafi
دار الغرب الإسلامي
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
١٩٩٤ م
Inda aka buga
بيروت - لبنان
Nau'ikan
الأبّار يؤذي بلسانه ويتهكم في سخرية من لا يروق له «ويبدو أنه (١) كان ممن ينبزون الآخرين بالكلام القارص أو النقد المهين في خفية وتستر حاسبين أن أمرهم لا يفتضح وأمرهم في الحقيقة لا يخفى على أحد، ومن هنا لقبه خصومه بالفأر ويغلب على الظن أن وجهه كان صغيرا نحيلا، ومن هناك قال فيه أحد خصومه وهو أبو الحسن علي بن شلبون المعافري البلنسي [كامل]:
لا تعجبوا لمضرة نالت جمي ... ع الخلق صادرة من الآبار
أوليس فأرا خلقة وخليقة ... والفأر مجبول على الأضرار
وبعد صرف ابن الأبّار عن خطته انتقل إلى بجاية لملاقاة ولي العهد أبي يحيى زكريا «وكان في أيام أبيه شابا مستضعفا دائم الخوف من إخوته محمد وابراهيم وعمر وأبي بكر (وكلهم ولي بعده) ومن أبناء عمه محمد بن عبد الواحد المعروف باللحياني لعظيم لحيته، ولهذا كان حريصا على أن يكسب لنفسه أنصارا يشدون أزره، فسره أن يتشفع به ابن الأبّار فكلّم أباه في أمره فأعاده إلى الرضا» (٢).
وفي فترة الابتعاد عن الخدمة نظم القصائد الضارعة معتذرا وراجيا عفو السلطان أبي زكريا من زلقة:
لمبشري برضاك أن يتحكما ... لا المال استثني عليه ولا الدما
ندمي على ما ندّ مني دائم ... وعلامة الأوّاب أن يتندما
وفي هذه الفترة ألف ابن الأبّار «إعتاب الكتّاب» «برسم السلطان أبي زكريا، وتذلل في فاتحته فأسرف في التذلل، وقصّ فيه حكايات كتّاب غضب عليهم الملوك والأمراء ثم عفوا عنهم وقبلوا أعذارهم واعتبوهم.
أين هذا من تمثله منشدا:
أطلب العز في لظى وذر الذل ... ولو كان في جنان الخلود
بل ها هو ذا متضرع ذليل في الدنيا لا في دار الخلود!
إن ابن الأبّار تحمله الحدة وسوء الخلق على عدم الانسجام بين مواقفه وأقواله وما كان أغناه عن التذلل والركوع لو أحسن ضبط نفسه ولم يكرع من ماء الغرور العكر.
وتوفي السلطان أبو زكريا سنة ٦٤٧/ ١٢٤٨ وتولى بعده أبو عبد الله محمد الملقب بالمستنصر ثاني أولاده وقد رتب جماعة من العلماء والأدباء لمجالسته وكثير منهم أندلسيون
_________
(١) مقدمة الحلة السيراء ص ٤١، مقدمة المقتضب من تحفة القادم ص (ي).
(٢) مقدمة الحلة السيراء ص ٤٢.
1 / 19