إذ ذاك استولى الشعب على الجثة ورموها في الرون، وهو نهر يضارع السهم بجريانه السريع.
إلا أن النهر لم يلبث أن غضب غضبة أشد من التي غضبها التيبر والجبل القائم في فرنسا والنمسا، فأخذ يطرح الجثة تارة على شاطئه الأيمن، وطورا على الأيسر، حتى دب الخوف في قلوب السكان، فعرضوا أمرهم لشارلمان، الذي كان أعظم ملك في العالم كله.
عند ذلك فكر الملك طويلا يا بني، ثم استشار أساقفته وقواده في الأمر.
إلا أن هؤلاء كانوا أشد تحيرا منه.
أخيرا عندما رأى الملك أن الشعب الفرنسي لم يبق باستطاعته أن يتحمل خوفه ورهبته أصدر أمره بنقل الجثة إلى لوزان.
إلا أن حاكم هذه المدينة لم يتردد بأن استرحم الملك بأن يبعد عنه تلك الجيفة التي أرعبت المدينة بأسرها.
إذ ذاك أشار الملك شارلمان بأن يدفن بيلاطوس في جبلنا العالي، وأن يبقى فيه إلى ما شاء الله.
لم يكن عندنا يوم ذاك من يدافع عنا، يا أعزائي، فجاءوا بالجيفة الملعونة ودفنوها في هذا الجبل الذي أطلق عليه اسم «جبل بيلاطوس».
وهنا توقفت الأم وردة عن الكلام، ثم قالت: لقد مضى هزيع من الليل يا بني، فيجب أن ترجعوا إلى مآويكم، وغدا، إن شاء الله، أكمل لكم قصة بيلاطوس.
فتململ الأحداث لدى توقف الأم وردة عن إكمال الحكاية، وقالوا لها: لا تتوقفي يا أم وردة، وأخبرينا عما جرى في جبل بيلاطوس بعد أن دفنت فيه الجثة، فما من أحد هنا يستطيع أن يقص مثلك حكايات مخيفة، هذا ما قاله لنا أمس رئيس المدرسة.
Shafi da ba'a sani ba